لِزَوْجَتِهِ (لَا يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ خُيِّرَتْ) الزَّوْجَةُ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ الْغَالِبِ بِذَلِكَ بِهَا إذْ الْبَدَنُ لَا يَقُومُ بِدُونِ كِفَايَتِهِ (وَلَوْ غَيْرَ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ) إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا حُرَّةً بَالِغَةً رَشِيدَةً أَوْ رَقِيقَةً أَوْ سَفِيهَةً أَوْ صَغِيرَةً (دُونَ سَيِّدِهَا أَوْ وَلِيِّهَا) فَلَا خِيرَةَ لَهُ؛ وَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً؛ لِاخْتِصَاصِ الضَّرَرِ بِهَا (بَيْنَ فَسْخِ) نِكَاحِ الْمُعْسِرِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] وَلَيْسَ الْإِمْسَاكُ مَعَ تَرْكِ الْإِنْفَاقِ إمْسَاكًا بِمَعْرُوفٍ، فَتَعَيَّنَ التَّسْرِيحُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «امْرَأَتُك تَقُولُ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَارِقْنِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ،.
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدٌ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ مِنْ الْعَجْزِ بِالْوَطْءِ فَتَمْلِكُ الْفَسْخَ (فَوْرًا وَمُتَرَاخِيًا) ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَشْبَهَ خِيَارَ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ؛ (وَ) بَيْنَ مُقَامٍ مَعَهُ (مَعَ مَنْعِ نَفْسِهَا) بِأَنْ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ عِوَضُهُ (وَبِدُونِهِ) أَيْ: بِدُونِ مَنْعِ نَفْسِهَا مِنْهُ بِأَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (وَلَا يَمْنَعُهَا تَكَسُّبُ وَلَدِ مُوسِرَةٍ وَلَا يَحْبِسُهَا) مَعَ عُسْرَتِهِ إذَا لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهَا، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ حَبْسَهَا إذَا كَفَاهَا الْمُؤْنَةَ وَأَغْنَاهَا عَمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (وَلَا يَلْزَمُهَا الْمُقَامُ بِمَنْزِلِهِ) بَلْ لَهَا أَنْ تُقِيمَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَتْ حَيْثُ كَانَ مَأْمُونًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا عِوَضَ الِاسْتِمْتَاعِ (وَلَهَا أَيْ: زَوْجَةِ الْمُعْسِرِ الْفَسْخُ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ رِضَاهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: رَضِيت بِعُسْرَتِهِ أَوْ تَزَوَّجْتُهُ عَالِمَةً بِهِ) أَيْ بِعُسْرَتِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ لِمَا يَتَجَدَّدُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ (أَوْ قَالَتْ أَسْقَطْت النَّفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ ثُمَّ بَدَا لَهَا الْفَسْخُ فَلَهَا ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ يَتَجَدَّدُ وُجُوبُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَيَتَجَدَّدُ لَهَا الْفَسْخُ كَذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُ نَفَقَتِهَا فِيمَا لَمْ يَجِبْ لَهَا كَالشَّفِيعِ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ، قَبْلَ الْبَيْعِ، وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَتْ الْمَهْرَ أَوْ النَّفَقَةَ قَبْلَ النِّكَاحِ. (وَتَبْقَى نَفَقَةُ مُعْسِرٍ وَكِسْوَتُهُ وَمَسْكَنُهُ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ أَقَامَتْ) مَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute