للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غَيَّبَ مَالَهُ أَوْ صَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ) فَلَهَا الْفَسْخُ؛ لِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا مِنْ جِهَتِهِ كَالْمُعْسِرِ (أَوْ غَابَ مُوسِرٌ) عَنْ زَوْجَتِهِ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ (وَتَعَذَّرَتْ نَفَقَةٌ) عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا النَّفَقَةَ، وَلَمْ تَقْدِرْ لَهُ عَلَى مَالٍ، وَلَمْ يُمْكِنْهَا تَحْصِيلُ نَفَقَتِهَا (بِاسْتِدَانَةٍ أَيْ اقْتَرَضَ عَلَى ذِمَّةِ زَوْجِهَا، أَوْ تَعَذَّرَ عَلَى الْحَاكِمِ أَخْذُهَا مِنْ وَكِيلِهِ) أَيْ: وَكِيلِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ كَحَالِ الْإِعْسَارِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ، وَفِي الْإِقْنَاعِ " وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَالٍ لَهُ وَلَا اسْتِدَانَةَ وَلَا الْأَخْذَ مِنْ وَكِيلِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَيْهِ.

قَالَ شَارِحُهُ لَمْ أَجِدْ الْكِتَابَةَ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ، بَلْ الْكُتُبُ الْمَشْهُورَةُ لَمْ يَذْكُرُوهَا. وَعَمِلَ قُضَاتُنَا عَلَى عَدَمِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُنَا وَقَالَ فِي الْإِقْنَاعِ " فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ قَالَ شَارِحُهُ: قُلْت: أَوْ عُلِمَ إذْ لَمْ نَرَ فِي كَلَامِهِمْ هَذَا الْقَيْدَ، وَقَالَ فِي الْإِقْنَاعِ " وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ فَلَهَا الْفَسْخُ انْتَهَى.

وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ، وَلَوْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ الزَّوْجَةِ لِفَقْدِ مَالٍ لِزَوْجِهَا الْغَائِبِ يُنْفَقُ مِنْهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْفَسْخِ وَعَدَمُ نَقْضِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، وَأَمَّا مَا كَانَ غَائِبًا عَنْهَا لَا عِلْمَ لَهَا بِهِ؛ فَلَا تُكَلَّفُ الصَّبْرَ لِاحْتِمَالِهِ، وَلَا تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُتَيَمِّمِ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي قَبْضَتِهِ وَيَدِهِ، وَنِسْيَانُهُ لَا يَخْلُو مِنْ تَقْصِيرٍ وَتَفْرِيطٍ، بِخِلَافِ هَذِهِ، قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا.

(وَلَا يَصِحُّ) الْفَسْخُ (فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِلَا حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَافْتَقَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>