للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ الثَّالِثُ (غَيْرُ مَا مَرَّ) مِنْ عَمُودَيْ النَّسَبِ، أَمَّا عَمُودَيْ النَّسَبِ فَتَجِبُ وَلَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، أَوْ حَجَبَهُ مُعْسِرٌ.

قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " وَعَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَبِيهِ الْمُعْسِرِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ وَعَلَى إخْوَتِهِ الصِّغَارِ (وَلَا يُشْتَرَطُ نَقْصُهُ) أَيْ: الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ فِي خَلْقِهِ كَزَمِنٍ أَوْ حُكْمٍ كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ (فَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ) لِأَنَّهُ فَقِيرٌ (إذَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ) أَيْ: الْمُنْفِقِ (وَ) قُوتِ (زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً) وَكِسْوَةٌ وَسَكَنٌ لَهُمْ (مِنْ حَاصِلٍ) بِيَدِهِ (أَوْ مُتَحَصِّلٍ) مِنْ صِنَاعَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ رِيعِ وَقْفٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عِنْدَهُ عَمَّنْ ذُكِرَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا. «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ فَعَلَى قَرَابَتِهِ» وَفِي لَفْظٍ: «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ.» حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ.

وَهِيَ (لَا) تَجِبُ مَعَ الْحَاجَةِ، وَ (لَا) تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى قَرِيبٍ (مِنْ رَأْسِ مَالِ) تِجَارَةٍ لِنَقْصِ الرِّبْحِ بِنَقْصِ رَأْسِ مَالِهِ، وَبِمَا أَفْنَتْهُ النَّفَقَةُ، فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا.

(وَ) لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ (مِنْ ثَمَنِ مِلْكٍ وَ) لَا مِنْ (ثَمَنِ آلَةِ عَمَلٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَمِنْ قَدْرٍ يُكْتَسَبُ) بِحَيْثُ يَفْضُلُ عَنْ كَسْبِهِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى قَرِيبِهِ (أُجْبِرَ) عَلَى تَكَسُّبٍ (لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ) لِأَنَّ تَرْكَ التَّكَسُّبِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِيهِ تَضْيِيعٌ لِمَنْ يَعُولُ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.

وَ (لَا) تُجْبَرُ (امْرَأَةٌ عَلَى نِكَاحٍ) إذَا رَغِبَ فِيهَا بِمَهْرٍ لِتُنْفِقَهُ عَلَى قَرِيبِهَا الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ قَدْ تَكُونُ لِغَيْرِ الْمَالِ؛ بِخِلَافِ التَّكَسُّبِ.

(وَزَوْجَةُ مَنْ تَجِبُ لَهُ) النَّفَقَةُ كَأَبٍ وَابْنِ أَخٍ (كَهُوَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَاجَةِ الْفَقِيرِ الْيَوْمِيَّةِ؛ لِدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ، فَإِذَا احْتَاجَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ رُبَّمَا دَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَى الزِّنَا، وَلِذَلِكَ وَجَبَ إعْفَافُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>