للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ تَرَكَتْ شَيْئًا مِنْ الْآدَابِ الْمُحْدَثَةِ مِنْ تَمَثُّلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْجُلُوسِ وَنَحْوِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِمَّا أَحْدَثَتْهُ الْجَبَابِرَةُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَ) لِلْأَبِ (تَأْدِيبُ وَلَدِهِ وَلَوْ) كَانَ (مُكَلَّفًا مُتَزَوِّجًا) مُنْفَرِدًا فِي بَيْتٍ (بِضَرْبٍ غَيْرِ مُبَرِّحٍ)

(وَكَذَا) لِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُ (رَقِيقٍ) وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الرَّقِيقِ عَلَى الزَّوْجَةِ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ لَقِيطٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَك ضَرْبَ أَمَتِكَ» وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ: «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ لَعَلَّهُ يُجَامِعُهَا أَوْ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ الْيَوْمِ.» وَلِابْنِ مَاجَهْ بَدَلَ الْعَبْدِ الْأَمَةُ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ضَرْبَ الرَّقِيقِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْمَرْأَةِ، وَيُسَنُّ الْعَفْوُ عَنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ نَصًّا.

(وَ) نَقَلَ حَرْبٌ (لَا يَضْرِبُهُ) شَدِيدًا، وَلَا يَضْرِبُهُ (إلَّا فِي ذَنْبٍ عَظِيمٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا» (وَيُقَيِّدُهُ) بِقَيْدٍ يَضَعُهُ فِي رِجْلَيْهِ (وَإِنْ خَافَ إبَاقَهُ) نَصًّا (وَهُوَ) أَيْ الْإِبَاقُ (كَبِيرَةٌ) لِلتَّوَعُّدِ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ كَوْنِ إبَاقِ الْعَبْدِ مُحَرَّمًا إذَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ، وَلِهَذَا (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الرَّقِيقُ (بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ الْبِدَعِ) فَيَجُوزُ إبَاقُهُ فِرَارًا بِدِينِهِ، وَقَالَ فِي مُسْلِمٍ نُحِسَ فِي بِلَادِ التَّتَارِ أَبَى بَيْعَ عَبْدِهِ وَعِتْقَهُ، وَيَأْمُرُهُ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ وَفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ فَهَرَبُهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَاجِبٌ لِإِقَامِهِ دِينِهِ، كَمَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ بَيْنَ كُفَّارٍ أَوْ أَهْلِ بِدَعٍ مُضِلَّةٍ؛ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِهَذَا النَّحِسِ الْآمِرِ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ وَفِعْلِ الْمَنْهِيِّ، وَلَوْ كَانَ فِي طَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَلِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ عَلَى تَرْكِهِ فَرَائِضَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَعَلَى مَا إذَا كَلَّفَهُ فَامْتَنَعَ مِنْ امْتِثَالِهِ.

(وَحَرُمَ لَطْمُهُ فِي وَجْهِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ لَطَمَ غُلَامَهُ فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَ) يَحْرُمُ (خِصَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>