للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَتِمَّةٌ: وَإِنْ كَانَ حَبَسَهُ مَعَ مَنْعِهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَنَحْوَهُ فِي مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا؛ فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَإِ، وَإِنْ شَكَكْنَا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُوجِبِهِ.

الصُّورَةُ (السَّابِعَةُ: أَنْ يَسْقِيَهُ سُمًّا) يَقْتُلُ غَالِبًا (لَا يَعْلَمُ بِهِ) شَارِبُهُ (أَوْ يَخْلِطَهُ بِطَعَامٍ، وَيُطْعِمَهُ) لِمَنْ لَا يَعْلَمُ بِهِ (أَوْ) يَخْلِطَهُ (بِطَعَامٍ أَكَلَهُ، فَيَأْكُلُهُ جَهْلًا) بِهِ (فَيَمُوتُ) فَيُقَادُ بِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِمُحَدَّدٍ، لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبَشِيرُ بْنُ الْعَلَاءِ، فَلَمَّا مَاتَ بَشِيرٌ أَرْسَلَ إلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

(فَإِنْ عَلِمَ بِهِ) ؛ أَيْ: السُّمِّ (آكِلٌ مُكَلَّفٌ) فَهَدَرٌ، كَمَا لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِ سِكِّينًا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآكِلُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ، وَاضِعُ السُّمِّ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا عِبْرَةَ بِفِعْلِهِ (أَوْ خَلَطَهُ) ؛ أَيْ: السُّمَّ (بِطَعَامِ نَفْسِهِ، فَأَكَلَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ؛ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ قَتَلَ نَفْسَهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهِ اللِّصُّ إذَا دَخَلَ يَسْرِقُ مِنْهَا، وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْهُ فِي الْأَكْلِ، وَإِنْ كَانَ مَا سَقَاهُ لَهُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَتَلَهُ؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْجِنَايَةَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي السُّمِّ الْمُسْقَى لَهُ، هَلْ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لَا -، وَثَمَّ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوِي الْخِبْرَةِ، وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: إنَّ ذَلِكَ السُّمَّ يَقْتُلُ النِّصْفَ الضَّعِيفَ دُونَ الْقَوِيِّ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ عُمِلَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاقِي؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ.

الصُّورَةُ (الثَّامِنَةُ: أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ) يَعْلَمُ أَنَّهُ (يَقْتُلُ غَالِبًا) فَيُقْتَلُ بِهِ - أَيْ: قَوَدًا - كَمَا فِي الْمُنْتَهَى " لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: يُقْتَلُ حَدًّا بِالسَّيْفِ فِي مِفْصَلِ عُنُقِهِ، وَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي تَرِكَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ " فَإِنْ كَانَ السُّمُّ أَوْ السِّحْرُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>