فَقَتَلَهُ (أُقِيدَ مِنْهُ) فِي طَرَفِهِ، سَوَاءٌ حَبَسَهُ لِيَقْتُلَهُ الْآخَرُ أَوْ لَا (وَهُوَ) ؛ أَيْ: قَاطِعُ الطَّرَفِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (فِي النَّفْسِ كَمُمْسِكٍ) إنْسَانًا لِآخَرَ حَتَّى قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَبَسَهُ لِلْقَتْلِ صَارَ كَأَنَّهُ أَمْسَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ حَبْسَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ فَقَطْ، كَمَنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ اعْتَبَرْتُمْ قَصْدَ الْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ ولَمْ تَعْتَبِرُوا إرَادَةَ الْقَتْلِ فِي الْجَارِحِ؟ قُلْنَا: إذَا مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ فَقَدْ مَاتَ مِنْ سِرَايَتِهِ، وَأَثَرِهِ؛ فَيُعْتَبَرُ قَصْدُ الْجُرْحِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ دُونَ قَصْدِ الْأَثَرِ.
وَفِي مَسْأَلَتِنَا إنَّمَا كَانَ مَوْتُهُ بِأَمْرٍ غَيْرِ السِّرَايَةِ، وَالْفِعْلُ مُمْكِنٌ لَهُ، فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ، كَمَا لَوْ أَمْسَكَهُ
(وَلَوْ قَتَلَ الْوَلِيُّ الْمُمْسِكَ فَقَالَ الْقَاضِي) : يَجِبُ (عَلَيْهِ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي قَتْلِهِ (وَخَالَفَهُ الْمَجْدُ) لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي قَتْلِهِ، وَهِيَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ (وَهُوَ حَسَنٌ) ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقْتَلُ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ "، وَادَّعَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا.
(وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلٍ لَا يُقَادُ بِهِ الْبَعْضُ) الْمُشَارِكُ (لَوْ انْفَرَدَ) بِالْقَتْلِ (كَحُرٍّ، وَقِنٍّ) اشْتَرَكَا (فِي قَتْلِ قِنٍّ، وَكَمُسْلِمٍ، وَكَافِرٍ) اشْتَرَكَا (فِي قَتْلِ كَافِرٍ، وَكَأَبٍ) ، وَأَجْنَبِيٍّ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ، (أَوْ، وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ، وَأَجْنَبِيٍّ) لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقِصَاصِ فِي قَتْلِ مَنْ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ (وَكَخَاطِئٍ، وَعَامِدٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (وَكَمُكَلَّفٍ، وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ مُكَلَّفٍ، وَ (سَبُعٍ، أَوْ) مُكَلَّفٍ، وَ (مَقْتُولٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ نَفْسِهِ (فَالْقَوَدُ عَلَى قِنٍّ) شَارَكَ حُرًّا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ عَنْ الْحُرِّ؛ لِعَدَمِ مُكَافَأَةِ الْمَقْتُولِ لَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَعَدَّى إلَى فِعْلِ شَرِيكِهِ؛ فَلَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْهُ، (وَ) الْقَوَدُ أَيْضًا عَلَى (شَرِيكِ أَبٍ) فِي قَتْلِ وَلَدِهِ؛ لِمُشَارَكَتِهِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِيمَنْ يُقْتَلُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي حَقِّ الْأَبِ لِمَعْنًى مُخْتَصٍّ بِالْمَحَلِّ، لَا لِقُصُورٍ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ؛ فَلَا يُمْنَعُ عَمَلُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَا مَانِعَ فِيهِ، وَمِثْلُ الْأَبِ الْأُمُّ، وَالْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ، وَإِنْ عَلَوْا.
(وَ) الْقَوَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute