ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَصِيرَ فِي قِبْلَةِ الْمُصَلِّي، ثُمَّ يَتَجَاوَزُهَا فَيَسِيرُ حَتَّى يَغْرُبَ بِقُرْبِ مَحَلِّ الدَّبُورِ، (قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الشَّامِ) .
وَمَنْ اسْتَدْبَرَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيَ فِي حَالِ عُلُوِّ أَحَدِهِمَا وَهُبُوطِ الْآخَرِ، فَهُوَ كَاسْتِدْبَارِ الْقُطْبِ، وَإِنْ اسْتَدْبَرَ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لِلْجِهَةِ، لَكِنَّهُ إنْ اسْتَدْبَرَ الشَّرْقِيَّ مِنْهُمَا، انْحَرَفَ إلَى الْمَشْرِقِ قَلِيلًا، وَإِنْ اسْتَدْبَرَ الْغَرْبِيَّ، انْحَرَفَ قَلِيلًا إلَى الْمَغْرِب، لِيَتَوَسَّطَ الْجِهَةَ، وَيَكُونَ انْحِرَافُهُ الْمَذْكُورُ لِاسْتِدْبَارِ الْجَدْيِ أَقَلَّ مِنْ انْحِرَافِهِ لِاسْتِدْبَارِ الْفَرْقَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقُطْبِ مِنْهُمَا.
وَإِنْ اسْتَدْبَرَ بَنَاتِ نَعْشٍ، كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْجِهَةِ أَيْضًا لَكِنَّهُ عَنْ وَسَطِهَا أَبْعَدُ، فَيَجْعَلُ انْحِرَافَهُ إلَيْهِ أَكْثَرَ.
قَالَهُ فِي " شَرْحِ الْهِدَايَةِ ".
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا الْمَجَرَّةُ، فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي الشِّتَاءِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فِي نَاحِيَةِ السَّمَاءِ، مُمْتَدَّةً شَرْقًا وَغَرْبًا عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ مِنْ الْإِنْسَانِ، إذَا كَانَ مُتَوَجِّهًا إلَى الْمَشْرِقِ، ثُمَّ تَصِيرُ مِنْ آخِرِهِ مُمْتَدَّةً شَرْقًا وَغَرْبًا أَيْضًا عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ، وَأَمَّا فِي الصَّيْفِ فَإِنَّهَا تَتَوَسَّطُ السَّمَاءَ.
(وَمِنْهَا) أَيْ الْأَدِلَّةِ، (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَمَنَازِلُهُمَا وَمَا يَقْتَرِنُ بِهَا) ، أَيْ: بِمَنَازِلِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَيُقَارِبُهَا) ، كُلِّهَا (تَطْلُعُ مِنْ مَشْرِقٍ عَلَى يَسْرَةِ مُصَلٍّ بِشَامٍ، وَتَغِيبُ بِمَغْرِبٍ عَنْ يَمْنَتِهِ) .
وَمَنَازِلُ الْقَمَرِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا: أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَامِيَّةً، تَطْلُعُ مِنْ وَسَطِ الْمَشْرِقِ مَائِلَةً عَنْهُ إلَى الشَّمَالِ.
وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ يَمَانِيَّةً تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ مَائِلَةً إلَى الْيَمِينِ وَلِكُلِّ نَجْمٍ مِنْ الشَّامِيَّةِ رَقِيبٌ مِنْ الْيَمَانِيَّةِ، إذَا طَلَعَ أَحَدُهُمَا غَابَ رَقِيبُهُ.
ثُمَّ يَنْتَقِلُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ إلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي يَلِيهِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: ٣٩] ، وَالشَّمْسُ تَنْزِلُ بِكُلِّ مَنْزِلٍ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ عَوْدُهَا إلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَتْ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute