(عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ، وَأَصْلُهَا الْخِيَارُ، سَمَّى بِهَا الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ وَوَجْهُ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) صِفَةٌ لِغُرَّةٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ فِي الْجِنَايَةِ، وَهُوَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ، وَأَمَّا الْأُنْمُلَةُ فَقَدْرُهَا ثَبَتَ بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ (مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ) ؛ أَيْ: الْجَنِينِ (كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا) ثُمَّ مَاتَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ، وَلِأَنَّهَا دِيَةُ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ أَنْ تُورَثَ عَنْهُ كَسَائِرِ الدِّيَاتِ (فَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَاتِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ (وَلَا كَامِلِ رِقٍّ) لِأَنَّهُ مَانِعٌ لِلْإِرْثِ وَيَرِثُ الْمُبَعَّضُ مِنْهَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ كَغَيْرِهَا.
(فَيَرِثُهَا) ؛ أَيْ: الْغُرَّةَ (عَصَبَةُ سَيِّدٍ قَتَلَ وَلَدَهُ مِنْ أَمَةٍ) كَأَنْ ضَرَبَ بَطْنَ أُمِّ وَلَدِهِ فَأَسْقَطَتْ وَلَدَهَا مِنْهُ؛ فَلَا يَرِثُهُ هُوَ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، وَيَرِثُهُ مَنْ عَدَاهُ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ السَّيِّدُ بَطْنَ عَتِيقَتِهِ فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا؛ كَانَ عَلَيْهِ غُرَّةٌ يَرِثُهَا أُمُّ الْجَنِينِ وَعَصَبَةُ السَّيِّدِ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ.
(وَتَعَدُّدُ الْغُرَّةِ بِتَعَدُّدِ جَنِينٍ وَإِنْ أَلْقَتْ) بِجِنَايَةٍ (رَأْسَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَيْدٍ) أَوْ أَرْجُلٍ (فَغُرَّةٌ وَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جَنِينٍ وَاحِدٍ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ (أَوْ) أَلْقَتْ (مَا لَيْسَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ) أَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنْ الْقَوَابِلِ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ لَوْ بَقِيَ تَصَوَّرَ آدَمِيًّا (فَلَا شَيْءَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ (كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ حَرْبِيَّةٍ) حَامِلٍ (أَوْ) بَطْنَ (مُرْتَدَّةٍ) حَامِلٍ (فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا) فَلَا شَيْءَ فِيهِ. (وَيَتَّجِهُ) (هَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (إنْ) كَانَتْ قَدْ (حَمَلَتْ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute