للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَالَفَهُ جِهَةً، كَمَا لَوْ خَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ أَحَدِ اثْنَيْنِ وَاعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ، (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى جِهَةٍ) وَاحِدَةٍ. (وَلَا يَضُرُّ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا (انْحِرَافُ وَاحِدٍ يَمِينًا وَآخَرَ شِمَالًا) ، لِاتِّفَاقِ اجْتِهَادِهِمَا فِي الْجِهَةِ.

وَالْوَاجِبُ الِاجْتِهَادُ إلَى الْجِهَةِ، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَهَذَا الِانْحِرَافُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. (فَإِنْ اتَّفَقَا) عَلَى جِهَةٍ، وَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ (فَبَانَ يَقِينًا) ، لَا إنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ جِهَةٌ أُخْرَى، فَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ الشَّكِّ أَوْ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِي غَلَبَةَ الظَّنِّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ. (لِأَحَدِهِمَا) : مُتَعَلِّقٌ بِبَانٍ (الْخَطَأَ) : فَاعِلُ بَانَ، فِي اجْتِهَادِهِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ، (انْحَرَفَ) إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَرَجَّحَتْ فِي ظَنِّهِ، فَتَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ. (وَأَتَمَّ) صَلَاتَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ.

وَيَتْبَعُهُ مُقَلِّدُهُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي بَانَتْ لَهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ التَّقْلِيدُ.

(وَيَنْوِي مُؤْتَمٌّ مِنْهُمَا الْمُفَارَقَةَ) لِإِمَامِهِ لِلْعُذْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ اقْتِدَائِهِ بِهِ. (وَكَذَا إمَامٌ بَقِيَ مُنْفَرِدًا) فَيُتِمُّهَا لِنَفْسِهِ. (وَيَتْبَعُ وُجُوبًا جَاهِلٌ) بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ، عَاجِزٌ عَنْ تَعَلُّمِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ (الْأَوْثَقَ) عِنْدَهُ. (وَ) وَيَتْبَعُ وُجُوبًا (أَعْمَى لَا يُمْكِنُهُ اجْتِهَادٌ. الْأَوْثَقَ) مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ (عِنْدَهُ) .

لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إصَابَةً فِي نَظَرِهِ.

وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مُتَابَعَتِهِ،

بِخِلَافِ تَكْلِيفِ الْعَامِّيِّ تَقْلِيدَ الْأَعْلَمِ فِي الْأَحْكَامِ، فَإِنَّ فِيهِ حَرَجًا وَتَضْيِيقًا، ثُمَّ مَا زَالَ عَوَامُّ كُلِّ عَصْرٍ يُقَلِّدُ أَحَدُهُمْ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ فِي مَسْأَلَةٍ، وَلِآخَرَ فِي أُخْرَى، وَالثَّالِثُ فِي ثَالِثَةٍ، وَكَذَلِكَ إلَى مَا لَا يُحْصَى.

وَلَمْ يُنْقَلْ إنْكَارُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.

وَلَا أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِتَحَرِّي الْأَعْلَمِ وَالْأَفْضَلِ.

فِي نَظَرِهِمْ.

تَتِمَّةٌ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيقَةٍ لَهُ: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى مَنْعِ جَوَازِ التَّقْلِيدِ، حَيْثُ أَدَّى إلَى التَّلْفِيقِ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ،؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كُلٌّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ أَوْ الْمَذَاهِبِ يَرَى الْبُطْلَانَ، كَمَنْ تَوَضَّأَ مَثَلًا وَمَسَحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>