للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَمَّدَهُ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ؛ لِأَنَّهُ لَحْنٌ لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى، وَبِأَيِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ حَلَفَ إذَا كَانَ إطْلَاقُهُ يَنْصَرِفُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.

(وَإِنْ نَكَلُوا) ؛ أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (أَوْ كَانُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ (كُلُّهُمْ خَنَاثَى أَوْ نِسَاءٌ؛ حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ كَ) قَوْلِهِ وَاَللَّهِ: مَا قَتَلْتُهُ وَلَا شَارَكْتُ فِي قَتْلِهِ وَلَا فَعَلْتُ شَيْئًا (مَاتَ مِنْهُ) وَلَا كَانَ سَبَبًا فِي مَوْتِهِ وَلَا مُعِينًا عَلَى مَوْتِهِ، وَيَبْرَأُ إنْ رَضُوا بِأَيْمَانِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» أَيْ: يَبْرَءُونَ مِنْكُمْ وَفِي لَفْظٍ: " فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَءُونَ مِنْ دَمِهِ " (إنْ رَضُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ بِأَيْمَانِهِ؛ أَيْ: أَيْمَانِ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُحَلِّفْ الْيَهُودَ حِينَ قَالَ الْأَنْصَارُ: كَيْف تَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ.

(فَإِنْ نَكَلَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا (لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِالنُّكُولِ؛ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلَوْ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي؛ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ؛ بَلْ يُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إمَّا أَنْ تَحْلِفَ؛ أَوْ جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ بِالنُّكُولِ.

(وَإِنْ نَكَلُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِهِ) ؛ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَدَى الْإِمَامُ الْقَتِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَخَلَّى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَدَى الْأَنْصَارِيَّ مِنْ عِنْدِهِ لَمَّا لَمْ تَرْضَ الْأَنْصَارُ بِيَمِينِ الْيَهُودِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إلَى الثُّبُوتِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوجِبُ السُّقُوطَ؛ فَوَجَبَ الْغُرْمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِئَلَّا يَضِيعَ الْمَعْصُومُ هَدَرًا (كَمَيِّتٍ فِي زَحْمَةٍ نَحْوِ جُمُعَةٍ وَطَوَافٍ) فَيُفْدَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَصًّا، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَمِنْهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ " عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ قُتِلَ رَجُلٌ فِي زِحَامِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، فَجَاءَ أَهْلُهُ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: بَيِّنَتَكُمْ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ: فَقَالَ عَلِيٌّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَا تُبْطِلْ دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إنْ عَلِمْتَ قَاتِلَهُ، وَإِلَّا فَأَعْطِ دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>