لِمُقَامٍ عَلَيْهِ الْحَدُّ (أَوْ) كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ (عَوْنًا لِمُقَامٍ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ) ، لِأَنَّ مُشَارَكَتَهُ أَوْ إعَانَتَهُ لَهُ مَعْصِيَةٌ وَعَدَمَ إقَامَتِهِ مَعْصِيَةٌ؛ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مَعْصِيَتَيْنِ (وَكَذَا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ) لَا يَسْقُطُ بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى (فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مَعْصِيَتَيْنِ بَلْ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا) .
(وَتَحْرُمُ إقَامَتُهُ) ؛ أَيْ: الْحَدِّ (بِمَسْجِدٍ) جَلْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِمَا رَوَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ تُقَامَ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» . وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِرَجُلٍ زَنَى فَقَالَ؛ أَخْرِجُوهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَاضْرِبُوهُ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أُتِيَ بِسَارِقٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقَطَعَ يَدَهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ، فَيُنَجِّسَهُ وَيُؤْذِيَهُ، فَإِنْ أُقِيمَ بِهِ لَمْ يَعُدْ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الزَّجْرِ.
(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يُقِيمَهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ بِعِلْمِهِ) ؛ أَيْ: بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: ١٣] وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّكَلُّمُ بِهِ؛ فَالْعَمَلُ أَوْلَى حَتَّى وَلَوْ رَمَاهُ بِمَا عَلِمَهُ مِنْهُ كَانَ قَاذِفًا يُحَدُّ لِلْقَذْفِ.
(أَوْ) ؛ أَيْ: وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ (وَصِيٌّ عَلَى رَقِيقِ مُوَلِّيهِ) لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ (كَأَجْنَبِيٍّ) فَلَا يُقِيمُهُ عَلَى رَقِيقِ غَيْرِهِ (وَلَا يَضْمَنُ مَنْ) أَقَامَ حَدًّا عَلَى مَنْ (لَا لَهُ إقَامَتُهُ) عَلَيْهِ (فِيمَا حَدُّهُ الْإِتْلَافُ) مِنْ عُضْوٍ أَوْ نَفْسٍ كَقَتْلِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَقَطْعٍ فِي سَرِقَةٍ، فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَهُ؛ لَمْ يَضْمَنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُؤَدَّبُ لِافْتِئَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ.
(وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ) الْحَدَّ (قَائِمًا) لِيُعْطَى كُلُّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنْ الضَّرْبِ (بِسَوْطٍ لَا خَلَقٍ) نَصًّا (بِفَتْحِ اللَّامِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْلِمُ (وَلَا جَدِيدٍ) لِئَلَّا يَجْرَحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute