بِالنِّيَّاتِ» (فَإِنَّ جَلْدَهُ لِلتَّشَفِّي إثْمٌ) لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ وَلَيْسَ بِحَدٍّ (وَلَا يُعِيدُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَحْدُودِ، قَطَعَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ " " وَالْمُنْتَهَى " (وَفِي نُسَخِ الْإِنْصَافِ " " وَالْفُرُوعِ " وَيُعِيدُهُ) ذَكَرَهُ فِي " الْمَنْثُورِ " عَنْ الْقَاضِي (وَهُوَ أَنْسَبُ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ) .
قَالَ فِي " الْفُصُولِ: يُحْتَاجُ عِنْدَ إقَامَتِهِ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ أَنْ يَضْرِبَ لِلَّهِ وَلِمَا وَضَعَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْجَلَّادُ، لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَوَلَّى أَوْ أَمَرَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا يَضْرِبُ لَا عِلْمَ لَهُ بِالنِّيَّةِ؛ أَجْزَأَتْ نِيَّتُهُ، وَالْعَبْدُ كَالْآلَةِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عَلَى الْمُقِيمِ لِلْحُدُودِ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا النَّفْعَ وَالْإِحْسَانَ، كَمَا يَقْصِدُ الْوَالِدُ بِعُقُوبَةِ الْوَلَدِ وَالطَّبِيبُ بِدَوَاءِ الْمَرِيضِ، فَلَمْ يَأْمُرْ الشَّرْعُ إلَّا بِمَا هُوَ نَفْعٌ لِلْعِبَادِ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَقْصِدَ ذَلِكَ (وَأَشَدُّهُ) ؛ أَيْ: [الْجَلْدِ] فِي الْحُدُودِ (جَلْدُ زِنًا فَ) جَلْدُ (قَذْفٍ فَ) جَلْدُ (شُرْبِ) خَمْرٍ (فَ) جَلْدُ (تَعْزِيرٍ) لِأَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ الزِّنَا بِمَزِيدِ تَأْكِيدٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: ٢] وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْعَدَدِ فَيَكُونُ فِي الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ مَا دُونَهُ أَخَفُّ مِنْهُ فِي الْعَدَدِ فَكَذَا فِي الصِّفَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا خَفَّ عَدَدُهُ خَفَّ فِي صِفَتِهِ.
(وَإِنْ رَأَى إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ الضَّرْبَ فِي حَدِّ شُرْبِ) مُسْكِرٍ (بِجَرِيدٍ أَوْ بِنِعَالٍ) فَلَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " " وَالشَّرْحِ " " وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ جَمْعٌ: مِنْهُمْ صَاحِبُ " الْهِدَايَةِ " " وَالْمُذَهَّبِ " " وَالْمُسْتَوْعِبِ " " وَالْخُلَاصَةِ " " وَالرِّعَايَتَيْنِ " " وَالْحَاوِي " " وَالْبُلْغَةِ " وَغَيْرِهِمْ وَبِأَيْدٍ، أَيْضًا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ. وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ الشَّارِحُ بِذَلِكَ (قَالَ الْمُنَقِّحُ: وَهُوَ أَظْهَرُ فَلَهُ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَالَ: اضْرِبُوهُ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ وَالضَّارِبُ بِيَدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute