(بِرَجْمٍ وَأَنْ يَدُورَ النَّاسُ حَوْلَ مَرْجُومٍ) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (كَالدَّائِرَةِ إنْ كَانَ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْهَرَبِ. وَ (لَا) يُسَنُّ ذَلِكَ إنْ كَانَ زِنَاهُ ثَبَتَ (بِإِقْرَارٍ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَهْرُبَ، فَيُتْرَكُ) وَلَا يُتَمَّمُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (فَلَوْ ثَبَتَ الزِّنَا بِإِقْرَارٍ سُنَّ بُدَاءَةُ إمَامٍ أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ) إمَامٌ مُقَامَهُ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَلِيٍّ: الرَّجْمُ رَجْمَانِ؛ فَمَا كَانَ مِنْهُ بِإِقْرَارٍ فَأَوَّلُ مَنْ يَرْجُمُ الْإِمَامُ، وَمَا كَانَ بِبَيِّنَةٍ فَأَوَّلُ مَنْ يَرْجُمُ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ النَّاسُ، وَلِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ فِي الْكَذِبِ عَلَيْهِ.
(وَمَتَى رَجَعَ مُقِرٌّ بِهِ) ؛ أَيْ: بِزِنًا عَنْ إقْرَارٍ، لَمْ يُقَمْ، أَوْ رَجَعَ مُقِرٌّ (بِسَرِقَةِ شَيْءٍ أَوْ شُرْبِ) خَمْرٍ عَنْ إقْرَارِهِ (قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِهِ) بِالزِّنَا أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الشُّرْبِ (لَمْ يُقَمْ) عَلَيْهِ (وَإِنْ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ حَدٍّ لِلَّهِ) تَعَالَى (أَوْ هَرَبَ) ؛ (تُرِكَ وُجُوبًا) لِأَنَّ مَاعِزًا هَرَبَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ» ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَمَعْمَرِ بْنِ هَزَّالٍ وَغَيْرِهِمْ. وَلِأَنَّ رُجُوعَهُ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَكَمَا لَوْ رَجَعَتْ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ سَائِرَ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. (فَإِنْ تُمِّمَ) حَدٌّ عَلَى رَاجِعٍ عَنْ إقْرَارِهِ (فَلَا قَوَدَ) فِيهِ؛ لِلشُّبْهَةِ (وَضَمِنَ رَاجِعٌ) صَرِيحًا (لَا هَارِبٌ بِالدِّيَةِ) لِزَوَالِ إقْرَارِهِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْهَارِبِ، فَإِنْ قَالَ: رُدُّونِي لِلْحَاكِمِ، وَجَبَ رَدُّهُ، فَلَوْ لَمْ يَرُدُّوهُ حَتَّى تَمَّ الْحَدُّ؛ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي رُجُوعِهِ.
(وَإِنْ ثَبَتَ) زِنًا أَوْ سَرِقَةٌ أَوْ شُرْبٌ (بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْفِعْلِ) ، أَيْ: فِعْلِ مَا ذَكَرَ لَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ (فَهَرَبَ) مَحْدُودٌ (لَمْ يُتْرَكْ) لِثُبُوتِ فِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ وَلَا هَرَبُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute