للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ (الثَّالِثُ ثُبُوتُهُ) ؛ أَيْ: الزِّنَا (وَلَهُ) ؛ أَيْ: الثُّبُوتِ (صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ مُكَلَّفٌ) [ (وَلَوْ) كَانَ (قِنًّا) ] أَوْ مُبَعَّضًا (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) لِحَدِيثِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ: «اعْتَرَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ؛ وَرَدَّهُ فَقِيلَ لَهُ إنَّكَ إنْ اعْتَرَفَتْ عِنْدَهُ الرَّابِعَةَ رَجَمَكَ، فَاعْتَرَفَ الرَّابِعَةَ، فَحَبَسَهُ ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، فَأَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ» ) .

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: إنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا قَالَ هَلْ أُحْصِنْتَ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الِاعْتِرَافُ أَرْبَعًا فِي مَجَالِسَ لِأَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. وَالْغَامِدِيَّةَ أَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ فِي مَجَالِسَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.

(أَوْ كَذَّبَتْهُ مُزْنًى بِهَا فَيُحَدُّ) دُونَهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. (وَيُعْتَبَرُ أَنْ يُصَرِّحَ) مُقِرٌّ (بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ. قَالَ لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنِكْتَهَا لَا تُكَنِّي؟ قَالَ نَعَمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ» ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لِلْأَسْلَمِيِّ: «أَنِكْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ كَمَا تُغَيِّبُ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءَ فِي الْبِئْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ حَلَالًا. قَالَ: فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَلِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ؛ فَلَا تَكْفِي فِيهِ الْكِنَايَةُ وَ (لَا) يُعْتَبَرُ أَنْ يُصَرِّحَ بِمَنْ (زَنَى) بِهَا (وَلَا ذِكْرِ مَكَانِهِ) ؛ أَيْ الزِّنَا.

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَمَالَ إلَيْهِ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ ذِكْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>