(وَلَا يَتَحَتَّمُ قَوَدٌ فِيمَا دُونَ نَفْسٍ) عَلَى مُحَارِبٍ، فَإِنْ قَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا وَنَحْوَهُمَا، فَلِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ إنَّمَا يَتَحَتَّمُ إذَا قُتِلَ؛ لِأَنَّهُ حَدُّ الْمُحَارَبَةِ؛ بِخِلَافِ الطَّرَفِ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى قِصَاصًا لَا حَدًّا، فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَغَيْرِ الْمُحَارِبِ، فَإِذَا عَفَا وَلِيُّ الْقَوَدِ؛ سَقَطَ لِذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ " يَتَحَتَّمُ الْقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذَا كَانَ قَدْ قَتَلَ بَعْدَ أَنَّ جَنَى عَلَى غَيْرِ الْمَقْتُولِ، فَهُنَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ، وَعِبَارَةُ " الْإِنْصَافِ " تُوهِمُ ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ فِي النَّفْسِ بِتَحَتُّمِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ التَّحَتُّمُ فِي الطَّرَفِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ.
(وَرِدْءُ) مُحَارِبٍ: مُبْتَدَأٌ؛ أَيْ مُسَاعِدُهُ وَمُعِينِهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (وَطُلَيْعٌ) يَكْشِفُ لِلْمُحَارِبِ حَالَ الْقَافِلَةِ لِيَأْتُوا إلَيْهَا (كَمُبَاشِرٍ) : خَبَرٌ، كَاشْتِرَاكِ الْجَيْشِ فِي الْغَنِيمَةِ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ وَبَاشَرَ بَعْضُهُمْ الْقِتَالَ وَوَقَفَ الْبَاقُونَ لِلْحِرَاسَةِ مِمَّنْ يَدْهَمُهُمْ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَكَذَا الْعَيْنُ الَّذِي يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ لِيَعْرِفَ أَحْوَالَ الْعَدُوِّ، وَظَاهِرُهُ فِي ضَمَانِ الْمَالِ، هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
(فَرِدْءُ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَهُوَ) ؛ أَيْ: كَالْمُبَاشِرِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ الرِّدْءَ تَبَعٌ لِلْمُبَاشِرِ، وَدِيَةُ قَتْلِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
(وَلَوْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ) ؛ أَيْ؛ الْمُحَارِبِينَ الْمُكَلَّفِينَ، وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَالًا (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ لَا) إنْ كَانَ الْقَتْلُ (خَطَأً) أَوْ مِمَّنْ بِهِ جُنُونٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (ثَبَتَ حُكْمُ الْقَتْلِ فِي حَقِّ جَمِيعِهِمْ) فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَتُوبُوا قُتِلَ مَنْ قَتَلَ وَمَنْ لَمْ يَقْتُلْ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الرِّدْءِ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ.
(وَإِنْ قَتَلَ بَعْضٌ مِنْهُمْ) لِأَخْذِ الْمَالِ (وَأَخَذَ الْمَالَ بَعْضٌ آخَرُ؛ تَحَتَّمَ قَتْلُ الْجَمِيعِ وَصَلْبُهُمْ) كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلٌّ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute