{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: ٢١]
وَ (لَا) يُكَفَّرُ (مَنْ حَكَى كُفْرًا سَمِعَهُ وَلَا يَعْتَقِدُهُ) قَالَ: فِي " الْفُرُوعِ " وَلَعَلَّ هَذَا إجْمَاعٌ.
وَفِي " الِانْتِصَارِ " مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ كُفْرٍ مِنْ لُبْسِ غِيَارٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ بِصَدْرِهِ؛ حَرُمَ، وَلَمْ يُكَفَّرْ
(أَوْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا) فَلَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ، وَلَا مَنْ جَرَى الْكُفْرُ عَلَى لِسَانِهِ سَبْقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ لِشِدَّةِ فَرَحٍ أَوْ دَهْشٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتِ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك فَقَالَ: غَلَطًا أَنْتِ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّك لِحَدِيثِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» .
(وَإِنْ تَرَكَ مُكَلَّفٌ عِبَادَةً مِنْ الْخَمْسِ تَهَاوُنًا) مَعَ إقْرَارِهِ بِوُجُوبِهَا (لَمْ يُكَفَّرْ) سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهَا أَبَدًا أَوْ عَلَى تَأْخِيرِهَا إلَى زَمَنٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهِ؛ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ دُخُولَ النَّارِ. قَالَ: مُعَاذٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَخْبَرَ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: إذَنْ يَتَّكِلُوا، فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.
وَلَوْ كَفَرَ بِذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي مَشِيئَةِ الْغُفْرَانِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُغْفَرُ (إلَّا بِالصَّلَاةِ أَوْ بِشَرْطٍ لَهَا أَوْ رُكْنٍ لَهَا مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ لَهَا (إذَا دَعَاهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ) إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي تَرَكَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ شَرْطِهَا أَوْ رُكْنِهَا الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (وَامْتَنَعَ) مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَ الصَّلَاةِ الَّتِي دُعِيَ لَهَا؛ فَيُكَفَّرُ (عَلَى مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ) مُفَصَّلًا، وَيُسْتَتَابُ كَمُرْتَدٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وُجُوبًا، فَإِنْ تَابَ بِفِعْلِهَا خُلِّيَ سَبِيلُهُ، وَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ كُفْرًا بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ وَدِعَايَةِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، أَوْ يُقْتَلُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute