أَحْرَمَ) مُصَلٍّ (إمَامًا لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ) ، أَيْ: الْإِمَامِ الرَّاتِبِ، (ثُمَّ حَضَرَ) إمَامُ الْحَيِّ، فَأَحْرَمَ، (وَبَنَى) صَلَاتَهُ (عَلَى صَلَاةِ) الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي أَحْرَمَ لِغَيْبَتِهِ، (فَيَصِيرُ) هَذَا (الْإِمَامُ مَأْمُومًا) بِالْإِمَامِ الرَّاتِبِ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ غَيْرُهُ، لِمَا رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: «ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَ (إلَّا إذَا أَمَّ مُقِيمٌ) مُقِيمًا (مِثْلَهُ) فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمَا، (إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ) قَصَرَ الصَّلَاةَ. وَكَانَا قَدْ ائْتَمَّا بِهِ صَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى لِعُذْرٍ، فَجَازَ كَالِاسْتِخْلَافِ. (أَوْ) أَمَّ (مَسْبُوقٌ) مَسْبُوقًا (مِثْلَهُ) وَافَقَهُ فِي عَدَدِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا، أَوْ خَالَفَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، (فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا) بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِمَا (فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ) ، صَحَّ ذَلِكَ لِعُذْرِ السَّبْقِ.
فَإِنْ ائْتَمَّ مَسْبُوقٌ بِإِمَامِ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُ، أَوْ كَانَا فِي جُمُعَةٍ، لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا إذَا أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ لَمْ تَقُمْ فِيهِ مَرَّةً ثَانِيَةً.
وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إقَامَةٌ ثَانِيَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ تَكْمِيلٌ لَهَا بِجَمَاعَةٍ، وَغَايَتُهُ أَنَّهَا فُعِلَتْ بِجَمَاعَتَيْنِ، وَهَذَا: لَا يَضُرُّ، كَمَا لَوْ صُلِّيَتْ الْأُولَى مِنْهَا بِسِتِّينَ، ثُمَّ فَارَقَهُ عِشْرُونَ، وَصُلِّيَتْ الثَّانِيَةُ بِأَرْبَعِينَ.
وَقِيلَ: لَعَلَّهُ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ لَهَا، فَيَلْزَمُ لَوْ ائْتَمَّ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ بِالْآخَرِ، تَصِحُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute