الَّتِي لَا تُخْرِجُ عَنْ الْمِلَّةِ) وَأَنْكَرَ الْقَاضِي جَوَازَ إطْلَاقِ اسْمِ كُفْرِ النِّعْمَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ قَالَ فِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ": وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ، وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النُّصُوصِ تَوَرُّعًا، وَيَمُرُّ بِهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُخْرِجُ عَنْ الْمِلَّةِ.
(وَيَصِحُّ إسْلَامُ مُمَيِّزٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (عَقَلَهُ) ؛ أَيْ: الْإِسْلَامَ؛ بِأَنْ عَلِمَ أَنْ اللَّهَ تَعَالَى رَبُّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إلَى النَّاسِ كَافَّةً؛ لِإِسْلَامِ عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَسَبْقِهِ، وَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا صَبِيًّا مَا بَلَغْت أَوَانَ حُلُمِي وَيُقَالُ: إنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الصِّبْيَانِ، وَمِنْ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ، وَمِنْ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وَمِنْ الْعَبِيدِ بِلَالٌ.
وَقَالَ عُرْوَةُ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِ سِنِينَ.
وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
وَالصَّبِيُّ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَصَحَّتْ مِنْ الصَّبِيِّ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، وَلِأَنَّ اللَّهَ دَعَا إلَى دَارِ السَّلَامِ، وَجَعَلَ طَرِيقَهَا الْإِسْلَامَ؛ فَلَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ مِنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ وَسُلُوكِ طَرِيقِهَا.
لَا يُقَالُ الْإِسْلَامُ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي مَالِهِ، وَنَفَقَةَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَحِرْمَانَ مِيرَاثِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ، وَفَسْخَ نِكَاحِهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ نَفْعٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ مُحْصِنَةٌ لِلْمَالِ، وَالْمِيرَاثُ وَالنَّفَقَةُ أَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ، وَذَلِكَ مَجْبُورٌ بِحُصُولِ الْمِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَسُقُوطِ نَفَقَةِ أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الضَّرَرَ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ.
(وَتَصِحُّ رِدَّتُهُ) ؛ أَيْ: الْمُمَيِّزِ (فَإِنْ أَسْلَمَ) وَهُوَ يَعْقِلُهُ (حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُفَّارٍ) صَوْنًا لَهُ؛ لِضَعْفِ عَقْلِهِ فَرُبَّمَا أَفْسَدُوهُ (فَإِنْ قَالَ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَمْ أُرِدْ مَا قُلْت فَكَمَا لَوْ ارْتَدَّ) ؛ أَيْ: لَمْ يَبْطُلْ إسْلَامُهُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute