(وَيُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ) حَلِفٌ بِالْأَمَانَةِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ فِي جَعْلِهِ الْحَلِفَ بِالْأَمَانَةِ مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَى.
وَفِي الْمُنْتَهَى (وَ) يُكْرَهُ (حَلِفٌ بِالْأَمَانَةِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
كَمَا يُكْرَهُ الْحَلِفُ (بِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ، وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
(وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ) - تَعَالَى - وَغَيْرِ صِفَتِهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ عُمَرَ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَهُوَ عَلَى التَّغْلِيظِ، كَذَا فَسَّرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ (سَوَاءٌ أَضَافَهُ) ، أَيْ: الْمَحْلُوفُ بِهِ (إلَيْهِ - تَعَالَى - كَقَوْلِهِ) ، أَيْ: الْحَالِفِ (وَمَخْلُوقِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ وَمَعْلُومِهِ وَكَعْبَتِهِ، وَرَسُولِهِ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ وَالْكَعْبَةِ: وَالرَّسُولِ وَأَبِي) وَلَا كَفَّارَةَ لِاشْتِرَاكِهِمَا بِالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى -. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: " لِأَنَّ حَسَنَةَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ مِنْ حَسَنَةِ الصِّدْقِ، وَسَيِّئَةُ الْكَذِبِ أَسْهَلُ مِنْ سَيِّئَةِ الشِّرْكِ " يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَتَابَ (وَلَا كَفَّارَةَ) فِي الْحَلِفِ بِذَلِكَ وَلَوْ حَنِثَ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ صِيَانَةً لِأَسْمَائِهِ - تَعَالَى - وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ (وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْ أَصْحَابِنَا (إلَّا) فِي حَلِفٍ (بِ) نَبِيِّنَا (مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِهِ إذَا حَلَفَ وَحَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَصِيرُ بِهَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَهُوَ، وَالْأَشْهَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute