الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد، وَلِأَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى -، فَمَنْ قَالَ: لَا أَفْعَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَفَعَلَ عَلِمَ أَنَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَشَأْ تَرْكَهُ، وَإِذَا قَالَ لَأَفْعَلَنَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَفْعَلْ عَلِمَ أَنَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَشَأْ فِعْلَهُ وَهُوَ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَشِيئَةِ، وَلَمْ تُوجَد. وَاشْتِرَاطُ الِاتِّصَالِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ» وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، وَكَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا.
(وَيُعْتَبَرُ نُطْقُ غَيْرِ مَظْلُومٍ وَخَائِفٍ) بِأَنْ يَلْفِظَ بِالِاسْتِثْنَاءِ نَصًّا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ وَالْقَوْلُ بِاللِّسَانِ، وَأَمَّا الْمَظْلُومُ الْخَائِفُ فَتَكْفِيهِ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، أَوْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَأَوَّلِ.
(وَ) يُعْتَبَرُ (قَصْدُ اسْتِثْنَاءٍ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوْ بَعْدَهُ) ، أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ مُسْتَثْنَى مِنْهُ (قَبْلَ فَرَاغِهِ) مِنْ كَلَامِهِ، لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (فَلَوْ) حَلَفَ غَيْرَ قَاصِدٍ الِاسْتِثْنَاءَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فَ (اسْتَثْنَى بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْيَمِينِ) لَمْ يَنْفَعْهُ الِاسْتِثْنَاءُ لِعَدَمِ قَصْدِهِ لَهُ أَوَّلًا (أَوْ أَرَادَ الْجَزْمَ) بِيَمِينِهِ (فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ) بِلَا قَصْدٍ (أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ جَارِيَةً بِهِ) ، أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ (فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ، لَمْ يَنْفَعْهُ الِاسْتِثْنَاءُ) لِحَدِيثِ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . (وَمَنْ شَكَّ فِيهِ) ، أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَتَى بِهِ أَوْ لَا (فَكَمَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَعَيَّنَ وَقْتًا) لِفِعْلِهِ كَلَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا دِرْهَمًا يَوْمَ كَذَا أَوْ سَنَةَ كَذَا (تَعَيَّنَ) ذَلِكَ الْوَقْتُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ، فَإِنْ فَعَلَهُ فِيهِ بَرَّ، وَإِلَّا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى يَمِينِهِ، (وَإِلَّا) يُعَيِّنْ لِلْفِعْلِ وَقْتًا بِأَنْ قَالَ لَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا دِرْهَمًا (لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ فِعْلِهِ) الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ (بِتَلَفِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ أَوْ مَوْتِ حَالِفٍ) «لِقَوْلِ عُمَرَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تُخْبِرْنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَتَطُوفُ بِهِ» . وَلِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَفِعْلُهُ مُمْكِنٌ، فَلَمْ تَحْصُلْ مُخَالَفَةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ عَدَمَ الْحِنْثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute