فِي حَلِفِهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، أَوْ (كَمَا لَوْ رَآهُ) الْحَالِفُ (مَعَهُ) ، أَيْ: مَعَ الْوَالِي (فَيَفُوتُ الْبِرُّ، وَلَا حِنْثَ) ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ مَعْذُورٌ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ كَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْحَالِفُ الْوَالِيَ إذَنْ) ، أَيْ: وَقْتَ الْحَلِفِ بِأَنْ حَلَفَ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ لِذِي الْوِلَايَةِ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) مَنْ كَانَ وَالِيًا حَالَ الْحَلِفِ، لِانْصِرَافِهِ إلَى الْجِنْسِ، فَإِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ بَرَّ الْحَالِفُ بِرَفْعِهِ لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ، وَإِنْ حَلَفَ (لِلِّصٍّ لَا يُخْبِرُ بِهِ، أَوْ يَغْمِزُ عَلَيْهِ فَسُئِلَ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِقِيَامِ ذَلِكَ مَقَامَ الْإِخْبَارِ بِهِ أَوْ الْغَمْزِ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ النُّطْقِ أَوْ الْغَمْزِ فَإِنْ نَوَاهَا فَلَا حِنْثَ بِذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ يَبَرُّ بِعَقْدِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) لَا فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَحِلُّ بِهِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لِيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا) ، أَيْ: عَلَى زَوْجَتِهِ (وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ) هَيَّجَ يَمِينَهُ (يَبِرُّ بِدُخُولِهِ بِزَوْجَةٍ نَظِيرَتِهَا) نَصًّا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ قَصْدُ إغَارَتِهَا بِذَلِكَ وَغَيْظِهَا وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا فِي حُقُوقِهَا مِنْ قَسْمٍ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ مَنْ يُسَاوِيهَا فِي حُكْمِ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالدُّخُولِ، فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ بِدُونِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ، (أَوْ) بِدُخُولِهِ (بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى بِهَا) كَأَعْلَى مِنْهَا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يَبَرُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِغَارَةَ وَالْغَيْظَ يَحْصُلَانِ بِمُجَرَّدِ الْخِطْبَةِ، وَإِنْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ زِيَادَةٌ فِي الْغَيْظِ فَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْغَيْظِ الَّذِي يَحْصُلُ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِكَاحُ اثْنَتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ وَلَا أَعْلَى مِنْ نَظِيرَتِهَا، وَاَلَّذِي تَنَاوَلَتْهُ يَمِينُهُ مُجَرَّدَ التَّزْوِيجِ، وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى امْرَأَتِهِ - حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَكَذَلِكَ يَحْصُلُ الْبِرُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى وَاحِدٌ فَمَا تَنَاوَلَهُ النَّفْيُ تَنَاوَلَهُ الْإِثْبَاتُ (خِلَافًا لَهُمَا) ، أَيْ: الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى فِي جَعْلِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ لَا يَبَرُّ إلَّا بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا أَوْ بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى مِنْهَا انْتَهَيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute