(وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَهَبُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُهْدِي، أَوْ حَلَفَ لَا يُوصِي أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ، أَوْ لَا يُعِيرُ حَنِثَ بِفِعْلِهِ) ، أَيْ: إيجَابِهِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا عِوَضَ فِيهَا، فَسَمَّاهَا الْإِيجَابَ فَقَطْ، وَأَمَّا الْقَبُولُ فَشَرْطٌ لِنَقْلِ الْمِلْكِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ السَّبَبِ، وَيَشْهَدُ لِلْوَصِيَّةِ قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] الْآيَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ الْإِيجَابَ دُونَ الْقَبُولِ، وَالْهِبَةُ وَنَحْوُهَا فِي مَعْنَاهَا بِجَامِعِ عَدَمِ الْعِوَضِ.
وَ (لَا) يَحْنَثُ (إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فُلَانًا أَوْ لَا يُؤَجِّرُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ فُلَانًا حَتَّى يَقْبَلَ) فُلَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَلَا إجَارَةً وَلَا تَزْوِيجًا إلَّا بَعْدَ الْقَبُولِ.
(وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَهَبُ زَيْدًا شَيْئًا، فَأَهْدَى إلَيْهِ) شَيْئًا (أَوْ بَاعَهُ) شَيْئًا (أَوْ حَابَاهُ) فِيهِ (أَوْ وَقَفَ) عَلَيْهِ (أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ - حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ.
وَ (لَا) يَحْنَثُ (إنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ) الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ (وَاجِبَةً) كَالزَّكَاةِ (أَوْ كَانَتْ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ ضَيَّفَهُ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ) مِنْ ضِيَافَةٍ، فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُسَمَّى هِبَةً (أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَيْنٌ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَلَوْ) كَانَ إبْرَاؤُهُ مِنْ زَيْدٍ مِنْ دَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ (بِلَفْظِ هِبَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ إبْرَاءٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (أَوْ أَعَارَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ) فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ، وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْهِبَةُ تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ، فَهُمَا غَيْرَانِ (أَوْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ) فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْهِبَةِ، وَلَا يَحْنَثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute