الدَّابَّةِ الْفَرَسُ خَاصَّةً حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهَا دُونَ الْحِمَارِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِمَّا عَادَتُهُ رُكُوبُ نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الدَّوَابِّ كَالْأُمَرَاءِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ، حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا اعْتَادَهُ مِنْ رُكُوبِ الدَّوَابِّ، فَيُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِحَسَبِ عُرْفِ أَهْلِهِ، وَيُفْتَى كُلُّ أَحَدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِ.
وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا أَكَلْتُ رَأْسًا فِي بَلَدٍ عَادَةُ أَهْلِهِ أَكْلُ رُءُوسِ الضَّأْنِ خَاصَّةً، لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ رُءُوسِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمْ أَكْلُ السَّمَكِ حَنِثَ بِأَكْلِ رُءُوسِهَا، وَكَذَلِكَ وَإِذَا حَلَفَ لَا اشْتَرَيْتُ كَذَا وَلَا بِعْتُهُ وَلَا حَرَثْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلَا زَرَعْتُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَعَادَتُهُ أَنْ لَا يُبَاشِرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ كَالْمُلُوكِ - حَنِثَ قَطْعًا بِالْإِذْنِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ، فَإِنَّهُ نَفْسُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ كَآحَادِ النَّاسِ، فَإِنْ قَصَدَ مَنْعَ (نَفْسِهِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ، لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ الْفِعْلِ وَالْمَنْعَ مِنْهُ) جُمْلَةً - حَنِثَ بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ أَطْلَقَ اُعْتُبِرَ سَبَبُ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا انْتَهَى.
(فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عَيْشًا وَهُوَ لُغَةً الْحَيَاةُ حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ، (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، حَنِثَ بِجِمَاعِهَا) ، أَيْ: الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا، لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ إلَيْهِ عُرْفًا، وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ كَانَ مُولِيًا، (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ) سَوَاءٌ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ؛ لِأَنَّ التَّسَرِّي مَأْخُوذٌ مِنْ السِّرِّ قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: ٢٣٥]
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ الْقَوْمِ أَنَّنِي ... كَبِرْتُ وَأَنْ لَا يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي
(وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَطَأُ دَارًا أَوْ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَحَافِيًا وَمُنْتَعِلًا) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute