لَهُ مَسْأَلَةٌ فَسَأَلَ عَنْهَا، ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ ثَانِيًا فَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا شَيْئًا.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ: يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ ثَانِيًا، إلَّا أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةً يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّؤَالِ عَنْهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَكْفِيهِ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ لِلْمَشَقَّةِ، نَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ "، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ الْمُفْتِي عَلَيْهِ انْتَهَى.
قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " (وَإِنْ حَدَثَ مَا لَا قَوْلَ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ تَكَلَّمَ فِيهِ حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ وَمُفْتٍ فَيَرُدُّهُ إلَى الْأُصُولِ وَالْقَوَاعِدِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشَاوِرَ) مَنْ عِنْدَهُ (مَنْ يَثِقُ بِعِلْمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ إفْشَاءُ سِرِّ السَّائِلِ أَوْ تَعْرِيضُهُ لِلْأَذَى أَوْ) يَكُونُ (فِيهِ مَفْسَدَةٌ لِبَعْضِ الْحَاضِرِينَ) فَيُخْفِيهِ إزَالَةً لِذَلِكَ
(وَفِي آدَابِ الْمُفْتِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ الْكَلَامِ مُفَصَّلًا، بَلْ يَمْنَعُ السَّائِلَ وَسَائِرَ الْعَامَّةِ مِنْ الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا) قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " لَا تَجُوزُ الْفَتْوَى فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، بَلْ يَنْهَى السَّائِلَ عَنْهُ وَالْعَامَّةَ أَوْلَى، وَيَأْمُرُ الْكُلَّ بِالْإِيمَانِ الْمُجْمَلِ وَمَا يَلِيقُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيمَا يُطْلَبُ بِهِ الْجَزْمُ، وَلَا إثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَلَا الِاجْتِهَادُ فِيهِ، وَيَجُوزُ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الظَّنُّ وَإِثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَالِاجْتِهَادُ فِيهِ.
(وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْتِيَ جَوَابُ مَا لَمْ يَقَعْ) لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ عُمَرَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ.
(وَيُنْدَبُ) لِلْمُفْتِي إجَابَةُ السَّائِلِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي خَبَرِ: «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا سُئِلَهُ» الْحَدِيثُ.
وَلَا يَلْزَمُ جَوَابُ (مَا لَا يَحْتَمِلُهُ سَائِلٌ) قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَفِي مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ.
وَلَا يَلْزَمُ جَوَابُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ؛ لِخَبَرِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ عَنْ الصَّحَابَةِ: مَا كَانُوا يَسْأَلُونَ إلَّا عَمَّا يَنْفَعُهُمْ (وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) أَمُسْلِمُونَ هُمْ (فَقَالَ لِلسَّائِلِ: أَحْكَمْتَ الْعِلْمَ حَتَّى تَسْأَلَ) عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute