وَمُعَاصِرُوهُمَا فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَالُوا: لَيْسَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ دَاوُد فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ.
لَا يَأْبَاهَا، وَبِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ابْنِ حَزْمٍ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَدْ قَالَ بِهَا، وَبِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِهَا كَثِيرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ وَقَدْ أَنْهَيْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي بَابِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ صِحَّةُ نِسْبَتِهَا لِهَؤُلَاءِ الرِّجَالِ يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ خُصُوصًا إذَا دَعَتْهُ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي وَلَا لِغَيْرِهِ تَتَبُّعُ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ، وَلَا تَتَبُّعُ الرُّخَص لِمَنْ أَرَادَ نَفْعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ: تَتَبَّعَ الْحِيَلَ الْمَكْرُوهَةَ وَالْمُحَرَّمَةَ وَالرُّخَصَ (فَسَقَ، وَحَرُمَ اسْتِفْتَاؤُهُ وَإِنْ حَسُنَ قَصْدُهُ) .
، أَيْ: الْمُفْتِي (فِي حِيلَةٍ جَائِزَةٍ، وَلَا شُبْهَةَ فِيهَا، وَلَا مَفْسَدَةَ، لِيَتَخَلَّصَ الْمُسْتَفْتِي بِهَا مِنْ حَرَجٍ جَازَ كَمَا «أَرْشَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا إلَى بَيْعِ التَّمْرِ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ تَمْرًا؛ فَيَتَخَلَّصُ مِنْ الرِّبَا» ) بِذَلِكَ، وَهَذَا إذَا كَانَ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ، أَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ بِدَرَاهِمَ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى عَلَى صِفَتِهَا؛ فَتَحْصُلُ الْمُقَاصَّةُ، وَيَتَخَلَّصُ مِنْ الرِّبَا وَمَا إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ فَلَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ
(وَلَيْسَ لِمَنْ انْتَسَبَ إلَى مَذْهَبِ إمَامٍ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ) لِإِمَامِهِ، أَوْ وَجْهَيْنِ لِأَحَدِ أَصْحَابِهِ؛ فَيُفْتِيَ أَوْ يَحْكُمَ بِحَسَبِ مَا يَخْتَارُهُ مِنْهُمَا (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ، فَيَعْمَلُ بِهِ، لِقُوَّتِهِ وَقَالَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا اعْتَدِلْ عِنْدَهُ قَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، يُفْتِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute