للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَلَوْ صَبِيًّا) لِأَنَّهُ إمَّا رَاكِبٌ أَوْ مَاشٍ، وَالسُّنَّةُ، لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ يَمُرّ بِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ (عَلَى مَنْ بِمَجْلِسِهِ) لِحَدِيثِ «إنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ» (وَيُصَلِّي إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ تَحِيَّتَهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ نَهْيٍ كَغَيْرِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ بِمَسْجِدٍ (خُيِّرَ) بَيْنَ الصَّلَاةِ وَتَرْكِهَا كَسَائِرِ الْمَجَالِسِ (وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ) لِيَنَالَ ثَوَابَهَا.

(وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ) يَخْتَصُّ بِهِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ جُلَسَائِهِ (وَلَا يَجْلِسُ عَلَى تُرَابٍ وَحُصُرِ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ هَيْبَتَهُ مِنْ أَعْيُنِ الْخُصُومِ) وَلِأَنَّهُ مَقَامٌ عَظِيمٌ يَجِبُ فِيهِ إظْهَارُ الْحُرْمَةِ تَعْظِيمًا لِلشَّرْعِ (وَيَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى بِالتَّوْفِيقِ) لِلْحَقِّ وَالْعِصْمَةِ مِنْ زَلَلِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ مَقَامٌ خَطَرٌ، وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ عُمَرَ: اللَّهُمَّ أَرِنِي الْحَقَّ حَقًّا، وَوَفِّقْنِي لِاتِّبَاعِهِ، وَأَرِنِي الْبَاطِلَ بَاطِلًا، وَوَفِّقْنِي لِاجْتِنَابِهِ (مُسْتَعِينًا) أَيْ: طَالِبًا الْمَعُونَةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (مُتَوَكِّلًا) أَيْ: مُفَوِّضًا أَمْرَهُ إلَيْهِ، وَلْيَكُنْ دُعَاؤُهُ سِرًّا؛ لِأَنَّهُ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ، وَأَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ. .

(وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ) فِي مَوْضِعٍ (لَا يَتَأَذَّى فِيهِ بِشَيْءٍ) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بَالُهُ بِمَا يُؤْذِيهِ (فَسِيحًا كَجَامِعٍ؛ فَيَجُوزُ، وَلَا يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِيهِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْضُونَ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ مَالِكٌ: الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَالْحُكْمِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ، وَأَمَّا الْجُنُبُ فَيَغْتَسِلُ وَالْحَائِضُ تُوَكِّلُ أَوْ تَأْتِي الْقَاضِيَ فِي مَنْزِلِهِ (وَيَصُونُهُ) ، أَيْ الْمَسْجِدَ (عَمَّا يُكْرَهُ) فِيهِ مِنْ نَحْوِ رَفْعِ صَوْتٍ (وَكَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَسَطَ الْبَلَدِ إنْ أَمْكَنَ) تَسَاوِي أَهْلِ الْبَلَدِ فِي الْمُضِيِّ إلَيْهِ. .

(وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا نَدْبًا بِلَا عُذْرٍ إلَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ حُكْمٍ إنْ شَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْتَجِبَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ) لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ مُرَّةَ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ إمَامٍ أَوْ وَالٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَاتِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إلَّا أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَلِأَنَّهُمَا رُبَّمَا مَنَعَا ذَا الْحَاجَةِ لِغَرَضِ النَّفْسِ أَوْ غَرَضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>