(كَغَيْرِهِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَحْضُرُهَا، وَأَمَرَ بِحُضُورِهَا، وَقَالَ: «مَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» . وَمَتَى كَثُرَتْ وَازْدَحَمَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا. (وَيُتَّجَهُ وَحُكْمُ ضِيَافَةٍ خُصَّ بِهَا) الْقَاضِي كَحُكْمِ (هَدِيَّةٍ) وَتَقَدَّمَ آنِفًا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
(وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا عُذْرٌ كَمُنْكَرٍ أَوْ بُعْدِ مَكَان أَوْ اشْتِغَالٍ زَمَنًا طَوِيلًا دُونَ الْأُخْرَى أَجَابَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي تَرْكِهَا.
(وَيُوصِي الْقَاضِي نَفْسَهُ وُجُوبًا ثُمَّ الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ بِبَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ) لِئَلَّا يَضُرَّ النَّاسَ، (وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ) لِيَكُونُوا أَقَلَّ شَرًّا، فَإِنَّ الشَّبَابَ شُعْبَةٌ مِنْ الْجُنُونِ، وَالْحَاكِمُ تَأْتِيهِ النِّسَاءُ وَفِي اجْتِمَاعِ الشَّبَابِ بِهِنَّ مَفْسَدَةٌ.
(وَيُبَاحُ) لِقَاضٍ قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " وَالْأَشْهَرُ يُسَنُّ لَهُ (أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَكْتَبَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرَهُمَا» ، وَلِكَثْرَةِ اشْتِغَالِ الْحَاكِمِ وَنَظَرِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ؛ فَلَا يُمْكِنُهُ تَوَلِّي الْكِتَابَةِ بِنَفْسِهِ.
(وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ: كَاتِبِ الْقَاضِي (مُسْلِمًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا} [آل عمران: ١١٨]
وَقَالَ عُمَرُ: " لَا تُؤَمِّنُوهُمْ وَقَدْ خَوَّنَهُمْ اللَّهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُمْ وَقَدْ أَبْعَدَهُمْ اللَّهُ، وَلَا تُعِزُّوهُمْ وَقَدْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ " (عَدْلًا) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَمَانَةٍ (وَسُنَّ كَوْنُهُ حَافِظًا عَالِمًا) لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى أَمْرِهِ (فَقِيهًا أَمِينًا حُرًّا) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَرِعًا نَزِهًا لَا يُسْتَمَالُ بِهَدِيَّةٍ) لِئَلَّا يُخْدَعَ (جَيِّدَ الْخَطِّ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ بِتِسْعَةٍ، صَحِيحَ الضَّبْطِ) لِئَلَّا يُفْسِدَ مَا يَكْتُبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute