الْقَاضِي (الثَّانِي) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُنَفِّذْهَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَهْلِيَّتِهِ، وَيُرَاعِيهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ بِفِسْقٍ أَوْ ضَعْفٍ ضَمَّ إلَيْهِ قَوِيًّا أَمِينًا يُعِينُهُ، وَإِنْ لَمْ يُنَفِّذْ الْأَوَّلُ وَصِيَّتَهُ نَظَرَ الثَّانِي فِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا أَمِينًا أَقَرَّهُ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا ضَعِيفًا ضَمَّ إلَيْهِ قَوِيًّا أَمِينًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ أَوْ فَرَّقَ الْوَصِيَّةَ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْوَصِيَّةِ، نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَالْمُوصَى إلَيْهِمْ بَالِغِينَ عَاقِلِينَ مُعَيَّنِينَ؛ صَحَّ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَبَضُوا حُقُوقَهُمْ (فَدَلَّ) وُجُوبُ إمْضَاءِ الثَّانِي مَا نَفَّذَهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَصَايَا (أَنَّ إثْبَاتَ) حَاكِمٍ (صِفَةً كَعَدَالَةِ وَجَرْحِ وَأَهْلِيَّةِ مُوصًى إلَيْهِ وَنَحْوِهِ) كَأَهْلِيَّةِ نَاظِرِ وَقْفٍ وَحَضَانَةٍ (حُكْمٌ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ آخَرُ) فَيُمْضِيهِ، وَلَا يَنْقُضُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحَالُ.
(وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ لِلْأَطْفَالِ أَوْ الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيَّ لَهَا وَنَحْوَهُ) كَنُظَّارِ أَوْقَافٍ لَا شُرُوطَ فِيهَا (بِحَالِهِ أَقَرَّهُ) لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ إلَيْهِ كَحُكْمِهِ؛ فَلَيْسُوا كَنُوَّابِهِ فِي الْحُكْمِ.
(وَمَنْ فَسَقَ مِنْهُمْ عَزَلَهُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (وَيَضُمُّ إلَى ضَعِيفٍ) قَوِيًّا (أَمِينًا) لِيُعِينَهُ (وَلَهُ إبْدَالُهُ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ (وَلَهُ النَّظَرُ فِي حَالِ قَاضٍ قَبْلَهُ، وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ أَحْكَامِهِ.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِ) قَاضٍ (صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِمِثْلِهِ؛ وَإِلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمٌ أَصْلًا (غَيْرَ مَا) أَيْ: حُكْمٍ (خَالَفَ نَصَّ كِتَابِ اللَّهِ) تَعَالَى أَوْ خَالَفَ نَصَّ (سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ، أَوْ) خَالَفَ (آحَادًا) أَيْ: نَصَّ سُنَّةِ آحَادٍ كَالْحُكْمِ (بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَحُرٍّ بِقِنٍّ) فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ نَصًّا، وَكَذَا (جَعْلُ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ، عِنْدَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ أُسْوَةً بِالْغُرَمَاءِ) فَيُنْقَضُ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ لَمْ يُصَادِفْ شَرْطَهُ إذْ شَرْطُ الِاجْتِهَادِ عَدَمُ النَّصِّ؛ لِخَبَرِ مُعَاذٍ، وَلِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ (أَوْ) خَالَفَ (إجْمَاعًا قَطْعِيًّا) فَيُنْقَضُ؛ لِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ، أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا، أَوْ حَكَمَ (بِخِلَافِ مَا يَعْتَقِدُ) صِحَّتَهُ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute