الْقَاضِي (إلَى مَنْ) أَيْ: ثِقَةٍ (يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا، أَوْ لَمْ يَقْبَلَاهُ (حَرَّرَ) الْقَاضِي (دَعْوَاهُ) ؛ أَيْ: الْمُسْتَعْدِي؛ لِئَلَّا يَكُونَ مَا يَدَّعِيه لَيْسَ حَقًّا كَشُفْعَةِ جِوَارٍ وَقِيمَةِ كَلْبٍ (ثُمَّ أَحْضَرَهُ) الْقَاضِي (وَلَوْ بَعُدَ) مَكَانُهُ إذَا كَانَ (بِعَمَلِهِ) لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلْحَاقُ الْمَشَقَّةِ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى بِإِلْحَاقِهَا بِمَنْ يُنْفِذُهُ الْحَاكِمُ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَمَلِ الْقَاضِي لَمْ يَعُدَّ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ ادَّعَى قِبَلَ إنْسَانٍ شَهَادَةً؛ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَمْ يُعَدَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْلِفْ) خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
(وَمَنْ قَالَ لِحَاكِمٍ حَكَمْتَ عَلَيَّ) بِشَهَادَةِ (فَاسِقَيْنِ عَمْدًا فَأَنْكَرَ) الْقَاضِي (لَمْ يَحْلِفْ) لِئَلَّا يَتَطَرَّقْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لِإِبْطَالِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ بِذَلِكَ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، وَالْيَمِينُ إنَّمَا تَجِبُ لِلتُّهْمَةِ، وَالْقَاضِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.
(وَإِنْ قَالَ قَاضٍ مَعْزُولٌ عَدْلٌ لَا يُتَّهَمُ: كُنْتُ حَكَمْتُ فِي وِلَايَتِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَبَيَّنَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يُسَوَّغُ لَهُ الْحُكْمُ لَهُ كَغَيْرِ أَصْلٍ وَفَرْعٍ؛ قُبِلَ) قَوْلُهُ نَصًّا (وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ) الْقَاضِي (مُسْتَنَدَهُ فِي حُكْمِهِ) كَأَنْ يَقُولَ (حَكَمْت بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَلَوْ أَنَّ الْعَادَةَ تَسْجِيلُ أَحْكَامِهِ وَضَبْطِهَا بِشُهُودِ) لِأَنَّ عَزْلَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ، كَمَا لَوْ كَتَبَ كِتَابًا إلَى قَاضٍ آخَرَ ثُمَّ عُزِلَ، وَوَصَلَ الْكِتَابُ بَعْدَ عَزْلِهِ؛ لَزِمَ قَبُولُ كِتَابِهِ، وَلِأَنَّهُ أَخْبَرُ بِمَا حَكَمَ بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ؛ أَشْبَهَ حَالَ وِلَايَتِهِ (مَا لَمْ يَشْتَمِلْ) الْحُكْمُ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الْحَاكِمُ بَعْدَ عَزْلِهِ (عَلَى إبْطَالِ حُكْمِ حَاكِمٍ آخَرَ) فَلَا يُقْبَلُ إذَنْ (فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِرُجُوعِ وَاقِفٍ عَلَى نَفْسِهِ، فَأَخْبَرَ حَنْبَلِيٌّ أَنَّهُ كَانَ حَكَمَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِمُوجَبِ الْوَقْفِ؛ لَمْ يُقْبَلْ) إخْبَارُ الْحَنْبَلِيِّ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، قَالَهُ الْقَاضِي مَجْدُ الدِّينِ. قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute