الْحَاكِمِ» ) .
وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ خَاصَمَ الْيَهُودِيَّ دِرْعَهُ إلَى شُرَيْحٍ: لَوْ أَنَّ خَصْمِي مُسْلِمٌ لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْكَ.
وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِلْحَاكِمِ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا جَلَسَا (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَا) أَيْ: الْخَصْمَانِ بِالدَّعْوَى (وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ لَا تَخْصِيصَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا (وَمِنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى مِنْهُمَا نُطْقًا؛ قُدِّمَ) أَيْ: قَدَّمَهُ الْحَاكِمُ عَلَى خَصْمِهِ لِتَرْجِيحِهِ بِالسَّبَقِ؛ فَإِنْ قَالَ خَصْمُهُ أَنَا الْمُدَّعِي لَمْ يَلْتَفِتْ الْحَاكِمُ إلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَجِبْ عَنْ دَعْوَاهُ ثُمَّ ادَّعِ بَعْدُ مَا شِئْتَ (ثُمَّ) إنْ ادَّعَيَا مَعًا قُدِّمَ (مَنْ قُرِعَ) أَيْ: خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهَا تُعَيِّنُ الْمُسْتَحِقَّ (فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ) أَيْ: الْأَوَّلِ (ادَّعَى الْآخَرُ) لِاسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ حَقَّهُ.
(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ) لِأَنَّ الْأَصْحَابَ عَرَّفُوا الْمُدَّعِيَ بِأَنَّهُ الَّذِي يُطَالِبُ غَيْرَهُ بِحَقٍّ يُذْكَرُ اسْتِحْقَاقًا عَلَيْهِ، وَلَا يَنْطَبِقُ هَذَا التَّعْرِيفُ عَلَى مَنْ ادَّعَى دَعْوَى مَقْلُوبَةً، وَهِيَ (بِأَنْ يَدَّعِيَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ أَوْ لِيَسْتَحْلِفَهُ) سُمِّيَتْ مَقْلُوبَةً؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِيهَا يَطْلُبُ أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعِي فِي غَيْرِهَا يَطْلُبُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ فَانْقَلَبَ فِيهَا الْقَصْدُ الْمُعْتَادُ.
(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى حِسْبَةٍ بِحَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى كَعِبَادَةٍ مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ وَنَحْوِهَا وَحَدِّ زِنًا أَوْ شُرْبٍ (وَعِدَّةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ) كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَجَزَاءِ صَيْدٍ قَتَلَهُ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ (وَتُسْمَعُ) بِلَا دَعْوَى (بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، وَيَعْتِقُ، وَلَوْ أَنْكَرَ مَعْتُوقٌ) الْعِتْقَ الْمَشْهُودَ بِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِلَا دَعْوَى (بِحَقٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْفٍ) عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ (وَوَصِيَّةٍ عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ رِبَاطٍ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ مُسْتَحِقُّهُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، أَشْبَهَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى. وَتُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِلَا دَعْوَى بِوَكَالَةٍ (وَاسْتِنَادِ وَصِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ مُسَخَّرٍ) وَلَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute