للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِمَا أُخِذَ مِنْهُ لَوْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ) وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ وَأَيْضًا الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُقِرًّا شَاهِدًا عَلَى نَفْسِهِ بِسُكُوتِهِ (وَلَا كَبَذْلِ) الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْبَذْلَ قَدْ يَكُونُ تَبَرُّعًا، وَلَا تَبَرُّعَ هُنَا (مِنْ رَأْسِ مَالِ مَرِيضٍ) مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، وَلَوْ كَانَ النُّكُولُ بَذْلًا لَاعْتُبِرَ خُرُوجُ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَحَيْثُ انْتَفَى أَنْ يَكُونَ كَالْإِقْرَارِ وَالْبَذْلِ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ كَالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِمَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ، وَنُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ الَّتِي يَبْرَأُ بِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى خَصْمِهِ (لَكِنْ لَا يُشَارِكُ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ) ؛ أَيْ: بِالنُّكُولِ، (عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسِ غُرَمَائِهِ) ؛ أَيْ: الْمُفْلِسِ الثَّابِتِ حَقُّهُمْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، لِاحْتِمَالِ تَوَاطُؤِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لِيَقْطَعَا بِذَلِكَ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي الْحَجْرِ.

(وَإِنْ قَالَ مُدَّعٍ) سُئِلَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ خَصْمُهُ (لَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً، ثُمَّ أَتَى بِهَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَةِ سُمِعَتْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يَعْلَمُهَا ثُمَّ عَلِمَهَا، وَنَفْيُ الْعِلْمِ لَا يَنْفِيهَا؛ فَلَا تَكْذِيبَ لِنَفْسِهِ (أَوْ قَالَ) مُدَّعٍ سُئِلَ عَنْ بَيِّنَةٍ: لَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً، فَقَالَ (عَدْلَانِ نَحْنُ نَشْهَدُ لَك فَقَالَ: هَذِهِ بَيِّنَتِي؛ سُمِعَتْ) لِمَا سَبَقَ، (وَ) لَا تُسْمَعُ (إنْ قَالَ مُدَّعٍ مَالِي بَيِّنَةٌ، ثُمَّ أَتَى بِهَا) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا (أَوْ قَالَ) مَنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ (كَذَبَ شُهُودِي، أَوْ قَالَ) مُدَّعٍ (كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ زُورٌ؛ أَوْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ أَوْ فَلَا حَقَّ لِي فِيهَا) فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدُ؛ لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ (وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الدَّلِيلِ بُطْلَانُ الْمُدَّعِي؛ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُحِقٌّ، وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ.

(وَلَا تُرَدُّ الْبَيِّنَةُ بِذِكْرِ السَّبَبِ) إذَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ؛ لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>