ذَلِكَ تَأْخِيرٌ لِلْحَقِّ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ بِلَا ضَرُورَةٍ؛ فَجُمِعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَلِمُدَّعٍ مُلَازَمَتُهُ) زَمَنَ الْإِنْظَارِ؛ لِئَلَّا يَهْرُبَ، وَظَاهِرُهُ لَا يَحْبِسُهُ، وَعَمَلُ الْحُكَّامِ عَلَى خِلَافِهِ.
(وَلَا يُنْظَرُ إنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الدَّفْعِ (فَإِنْ عَجَزَ) مُدَّعِي الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِنْظَارِ (حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ) مِنْ قَضَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ (وَاسْتَحَقَّ) مَا ادَّعَى بِهِ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ (حُكِمَ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْمُدَّعِي بِنُكُولِهِ (وَصُرِفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِي إذَنْ مُنْكِرٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَنَكَلَ عَنْهَا؛ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، كَمَا لَوْ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً.
(هَذَا) ؛ أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ إنْظَارِ مُدَّعِي الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَقَبُولِ بَيِّنَتِهِ إنْ أَحْضَرَهَا بِذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ سَبَبَ الْحَقِّ) ابْتِدَاءً (فَأَمَّا إنْ كَانَ أَنْكَرَهُ ثُمَّ ثَبَتَ فَادَّعَى قَضَاءَ أَوْ إبْرَاءَ) مُدَّعٍ لَهُ (سَابِقًا عَلَى زَمَنِ إنْكَارِهِ) ؛ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، فَقَالَ: مَا اقْتَرَضْت مِنْهُ وَمَا اشْتَرَيْت مِنْهُ، فَثَبَتَ أَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَى بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، فَقَالَ قَضَيْته، أَوْ أَبْرَأَنِي قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (وَلَوْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْحَقِّ يَقْتَضِي نَفْيَ الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ؛ فَيَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ؛ وَإِنْ ادَّعَى قَضَاءً أَوْ إبْرَاءً بَعْدَ إنْكَارِهِ؛ قُبِلَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ كَالْإِقْرَارِ بِهِ؛ فَيَكُونُ قَاضِيًا لِمَا هُوَ مُقِرٌّ بِهِ؛ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ كَغَيْرِ الْمُنْكِرِ، وَإِبْرَاءُ الْمُدَّعِي بَعْدَ إنْكَارِهِ إقْرَارٌ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَا تَنَافِيَ.
(وَإِنْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ) بِعَيْنٍ جَوَابًا لِمُدَّعِيهَا (كَانَتْ بِيَدِكَ) أَمْسِ (أَوْ) كَانَتْ (لَك أَمْسِ؛ لَزِمَهُ) ؛ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إثْبَاتُ سَبَبِ زَوَالِ يَدِهِ) ؛ أَيْ: الْمُدَّعِي عَنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْيَدِ أَوْ الْمِلْكِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute