وَإِنْ قَالَ (إنْ مِتّ فِي مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْتُ مِنْهُ فَغَانِمٌ حُرٌّ) ثُمَّ مَاتَ (وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) ؛ أَيْ: أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ (تَسَاقَطَتَا) أَيْ: بَيِّنَتَاهُمَا (وَرَقَّا) لِنَفْيِ كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا؛ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجُزِمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمُذَهَّبِ " وَ " مَسْبُوكِ الذَّهَبِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ. صَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
(وَإِنْ جُهِلَ مِمَّ - مَاتَ وَلَا بَيِّنَةَ) - أُقْرِعَ - بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَرِئَ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ؛ فَعَتَقَ أَحَدُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(وَكَذَا إنْ أَتَى بِمَنْ بَدَّلَ فِيهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ بَرِئْتُ مِنْهُ فَغَانِمٌ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً (فِي التَّعَارُضِ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا، وَكَوْنِهِمَا يَبْقَيَانِ عَلَى الرِّقِّ، أَوْ يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ عَلَى مَا سَبَقَ (وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْجَهْلِ - وَلَا بَيِّنَةَ ثَمَّ) - فَيَعْتِقُ سَالِمٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَ (عَدَمُ الْبُرْءِ) .
(وَإِنْ شَهِدَتْ) عَلَى مَيِّتٍ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَ (شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى) أَنَّهُ وَصَّى (بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ سَالِمٍ وَغَانِمٍ (ثُلُثُ مَالِهِ) ؛ أَيْ: الْمُوصِي (وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) عِتْقَهُمَا (عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ) لِثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا " وَالْإِعْتَاقُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ؛ لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛ فَكَذَا الْإِعْتَاقُ بَعْدَ الْمَوْتِ، لِاتِّحَادِ الْمَعْنَى فِيهِمَا، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّتَيْنِ؛ عَتَقَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ كَمَا لَوْ أَعْتَقُوهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ.
(وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ وَارِثَةً فَاسِقَةً) وَلَمْ تُكَذِّبْ الْأَجْنَبِيَّةُ (عَتَقَ سَالِمٌ) بِلَا قُرْعَةٍ، لِأَنَّ بَيِّنَةَ غَانِمٍ الْفَاسِقَةَ لَا تُعَارِضُهَا (وَيَعْتِقُ غَانِمٌ بِقُرْعَةٍ) بِأَنْ يَكْتُبَ بِرُقْعَةٍ يَعْتِقُ وَبِأُخْرَى لَا يَعْتِقُ، وَيَتَدَرَّجُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِبُنْدُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ إحْدَاهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute