للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا (أَعْتَقَهُ) أَيْ: الْقِنَّ لَمْ يُحْكَمْ بِذَلِكَ (حَتَّى يَقُولَا) أَيْ: الشَّاهِدَانِ بَاعَ ذَلِكَ أَوْ أَوْقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (وَهُوَ فِي مِلْكِهِ) لِجَوَازِ بَيْعِهِ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ عِتْقِهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ لَتَمَكَّنَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ انْتِزَاعَ شَيْءٍ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ شَخْصٍ، وَيَبِيعَهُ إيَّاهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِ رَبِّهِ، وَيُقَاسِمَ بَائِعَهُ فِيهِ، وَهَذَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ لَا يَرِدُ الشَّرْعُ بِمِثْلِهِ.

(وَمَنْ ادَّعَى إرْثَ مَيِّتٍ فَشَهِدَا) ؛ أَيْ: الشَّاهِدَانِ (أَنَّهُ وَارِثٌ لَا يَعْلَمَانِ) وَارِثًا غَيْرَهُ، وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ أَوْ لَا، سُلِّمَ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِمَّا يُمْكِنُ عِلْمُهُ، فَكَفَى فِيهِ الظَّاهِرُ (أَوْ قَالَا) لَا نَعْلَمُ وَارِثًا غَيْرَهُ (فِي هَذَا الْبَلَدِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ، وَقَدْ نَفَيَا الْعِلْمَ بِهِ فِي هَذَا الْبَلَدِ، فَصَارَ فِي حُكْمِ الْمُطْلَقِ (سَوَاءٌ كَانَا) أَيْ: الشَّاهِدَانِ (مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ أَوْ لَا، سُلِّمَ إلَيْهِ إرْثٌ بِغَيْرِ كَفِيلٍ) لِثُبُوتِ أَنَّهُ لَهُ، الْأَصْلُ الشَّرِيكِ، وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ الْإِرْثُ (بِهِ) أَيْ: كَفِيلٍ (إنْ شَهِدَ بِإِرْثِهِ) أَيْ: بِأَنَّهُ وَارِثُهُ (فَقَطْ) بِأَنْ لَمْ يَقُولَا، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ (ثُمَّ إنْ شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَارِثٌ شَارَكَ) الْأَوَّلَ فِي إرْثِ الْمَيِّتِ.

قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى بَيَانِ لَا وَارِثَ سِوَاهُ، لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ظَاهِرًا، فَإِنَّهُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يَعْرِفُهُ جَارُهُ، وَمَنْ يَعْلَمُ بَاطِنَ أَمْرِهِ، بِخِلَافِ دَيْنِهِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِوَاهُ، لِخَفَاءِ الدَّيْنِ، لِأَنَّ جِهَاتِ الْإِرْثِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا عَنْ يَقِينٍ.

(وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ عَلَى نَفْيِ مَحْصُورٍ بِدَلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) وَمَسْأَلَةِ (الْإِعْسَارِ) وَالْبَيِّنَةُ فِيهِ ثَبَتَ مِنْهَا مَا يَظْهَرُ وَيُشَاهَدُ، بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: «دُعِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» .

قَالَ الْقَاضِي فِي نَحْوِ هَذَا، وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّرْكِ وَالْعِلْمَ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَلِهَذَا نَقُولُ: إنَّ مَنْ قَالَ صَحِبْت فُلَانًا فِي يَوْمِ كَذَا، فَلَمْ يَقْذِفْ فُلَانًا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ فِي الْإِثْبَاتِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>