للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ: «وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا شَهَادَةَ لِخَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ» .

(الرَّابِعُ مِنْ الْمَوَانِعِ الْعَدَاوَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ شَهَادَةِ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ، وَسُنِّيٍّ عَلَى مُبْتَدِعٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْرُوثَةً أَوْ مُكْتَسَبَةً كَفَرَحِهِ بِمُسَاءَتِهِ، أَوْ غَمِّهِ بِفَرَحِهِ، وَطَلَبِهِ لَهُ الشَّرَّ؛ فَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَةُ إنْسَانٍ عَلَى عَدُوِّهِ (إلَّا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ، وَتَقَدَّمَ؛ فَتَلْغُوَ) الشَّهَادَةُ (مِنْ مَقْذُوفٍ عَلَى قَاذِفِهِ، وَمِنْ مَقْطُوعٍ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ عَلَى قَاطِعِهِ) فَلَا تُقْبَلُ إنْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا أَوْ عَلَى الْقَافِلَةِ، بَلْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ هَلْ قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ (إلَّا إنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ عَرَضُوا لَنَا، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.

قَدَّمَهُ فِي " الْفُصُولِ " فَإِنْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ تَمْنَعْ؛ فَيُقْبَلُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ، وَالْمُحِقُّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى الْبِدْعِيِّ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يَمْنَعُهُ مِنْ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ فِي دِينِهِ. وَتَلْغُو الشَّهَادَةُ (مِنْ زَوْجٍ) إذَا شَهِدَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي زِنًا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَاوَتِهِ لَهَا؛ لِإِفْسَادِهَا فِرَاشَهُ (بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهَا فِي قَتْلٍ وَغَيْرِهِ) كَسَرِقَةٍ وَقَرْضٍ؛ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ.

(وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (عَلَيْهِ) كَعَدُوِّهِ وَمَقْذُوفَتِهِ وَقَاطِعِ طَرِيقِهِ (فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لَهُ) لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهَا.

(الْخَامِسُ) مِنْ الْمَوَانِعِ (الْعَصَبِيَّةُ فَلَا شَهَادَةَ لِمَنْ عُرِفَ بِهَا وَبِالْإِفْرَاطِ فِي الْحَمِيَّةِ) كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ عَلَى قَبِيلَةٍ (وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ) ، وَفِي حَدِيثٍ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ» . (وَأَدْخَلَ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى (وَغَيْرُهُ) مِنْ الْأَصْحَابِ (الْفُقَهَاءَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَأَخْرَجَهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ) مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ؛ إذْ دِيَانَتُهُمْ تَمْنَعُهُمْ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَنْبَغِي (قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، اُعْتُبِرَتْ الْأَخْلَاقُ كُلُّهَا، فَإِذَا أَشَدُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>