للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: قَوْلَهُ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا (بِقَوْلِهِ وَبَرِئْت مِنْهُ، أَوْ) بِقَوْلِهِ (وَقَضَيْته أَوْ) بِقَوْلِهِ (وَقَضَيْت بَعْضَهُ) وَلَمْ يَعْزِهِ لِسَبَبٍ؛ فَمُنْكِرٌ (أَوْ قَالَ مُدَّعٍ لِي عَلَيْك مِائَةٌ، فَقَالَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ (قَضَيْتُك مِنْهَا) وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ (عَشَرَةً وَلَمْ يَعْزِهِ) أَيْ: الْمُقَرَّ بِهِ (لِسَبَبٍ) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ (فَ) هُوَ مُنْكِرٌ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) نَصًّا طِبْقَ جَوَابِهِ، وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " لِأَنَّهُ دَفَعَ مَا أَثْبَتَهُ بِدَعْوَى الْقَضَاءِ مُتَّصِلًا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَكُونُ مُقِرًّا مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ؛ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ، وَلَمْ يُبْرِئْهُ، وَاسْتُحِقَّ، وَقَالَ: هَذِهِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُذَهَّبِ " وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْحَنْبَلِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.

فَإِنْ ذَكَرَ السَّبَبَ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِمَا يُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ عَقْدٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي بَرِيءٌ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ عَزَاهُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِسَبَبٍ كَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْحَقَّ (مِنْ ثَمَنِ) مَبِيعٍ (وَقَرْضٍ) أَوْ قِيمَةُ مُتْلَفٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ ثَبَتَ سَبَبُ الْحَقِّ بِبَيِّنَةٍ، أُلْزِمَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ مُدَّعٍ لِلْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَيُطَالَبُ بِالْبَيَانِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ كَانَ؛ بِأَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته إيَّاهُ أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ وَنَحْوَهُ مِمَّا سَبَقَ، فَهُوَ مُنْكِرٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِمَا سَبَقَ، مَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْحَقِّ أَوْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ بِالْوَفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَأْتِيَ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ، وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ فِيهَا حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى بَقَاءِ حَقِّهِ، وَأَخَذَهُ، وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِثُبُوتِ الْقَضَاءِ بِنُكُولِهِ، وَلَوْ قَالَ مُدَّعٍ كَانَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ " بِلَا خِلَافٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>