إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سَلَامَةَ الْمُصَلِّي مِنْ نَقْصِ صَلَاتِهِ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْهُ تَعَالَى (تَبَارَكْتَ) مِنْ: الْبَرَكَةِ، أَوْ: مِنْ الْبُرُوكِ، وَهُوَ: الدَّوَامُ وَالثُّبُوتُ. (يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) ، الْجَلَالُ: الْعَظَمَةُ، وَالْإِكْرَامُ: الْإِعْزَازُ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بِالْعَظَمَةِ وَالْعِزَّةِ اتِّصَافًا ذَاتِيًّا لَا انْفِكَاكَ لَهُ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ.
رَوَى ثَوْبَانُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَلَوْ قَالَهُ بَعْدَ قِيَامِهِ، وَفِي ذَهَابِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُصِيبٌ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا، إذْ لَا تَحْجِيرَ فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ شُغِلَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَذَكَّرُهُ، فَذَكَرُهُ، فَالظَّاهِرُ: حُصُولُ أَجْرِهِ الْخَاصِّ لَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ قَرِيبًا لِلْعُذْرِ.
أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا، ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ، فَالظَّاهِرُ فَوَاتُ أَجْرِهِ الْخَالِصِ، وَبَقَاءِ أَجْرِ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ لَهُ.
انْتَهَى.
وَمِمَّا وَرَدَ مِنْ الذِّكْرِ: مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالتَّهْلِيلُ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِمَا تَقَدَّمَ.
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ - أَيْ: بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ -: «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْجَدُّ: بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute