قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَى جِدَارٍ اتَّخَذَهُ قِبْلَةً، وَنَحْنُ خَلْفَهُ، فَجَاءَتْ بَهِيمَةٌ تَمْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا زَالَ يُدَارِيهَا حَتَّى لَصَقَ بَطْنُهُ بِالْجِدَارِ، فَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ» . (مَا لَمْ يَغْلِبْهُ) الْمَارُّ، لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، أَوْ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ بِيَدِهِ فَرَجَعَ، فَمَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَمَضَتْ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هُنَّ أَغْلَبُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. (أَوْ يَكُنْ الْمَارُّ مُحْتَاجًا) إلَى الْمُرُورِ لِضِيقِ الطَّرِيقِ، (أَوْ) يَكُنْ (بِمَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ، فَلَا يَرُدُّ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ نَصًّا.
قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا، أَيْ: لِأَنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ بِهَا وَيَزْدَحِمُونَ، فَمَنْعُهُمْ تَضْيِيقٌ عَلَيْهِمْ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِمَكَّةَ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ (وَأَلْحَقَ بِهَا) ، أَيْ: بِمَكَّةَ (الْمُوَفَّقُ سَائِرَ الْحَرَمِ) .
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَالْحَرَمُ كَهِيَ لِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِي الْحُرْمَةِ (وَيَتَّجِهُ) : إنَّمَا يَتَمَشَّى كَلَامُ الْمُوَفَّقِ (فِي زَمَنِ حَاجٍّ) لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَاضْطِرَارِهِمْ إلَى الْمُرُورِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ، فَلَا حَاجَةَ لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ.
وَكَلَامُ أَحْمَدَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَطَافِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (فَإِنْ أَبَى الْمَارُّ) إلَّا الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي (دَفَعَهُ بِعُنْفٍ وَتُنْقَضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute