فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ، مِنْ الْكَلْبِ الْأَحْمَرِ، مِنْ الْكَلْبِ الْأَصْفَرِ؟ قَالَ يَا ابْن أَخِي، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُمَا. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ (لَا) يَقْطَعُ الصَّلَاةَ (امْرَأَةٌ، وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ، وَشَيْطَانٌ) ، «لِأَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ فِي بَادِيَةٍ، فَصَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، وَحِمَارَةٌ لَنَا، وَكَلْبَةٌ، يَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا بَالَى بِذَلِكَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فَيَرْوِيهِ مُجَاهِدٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. (وَتُجْزِئُ سُتْرَةٌ نَجِسَةٌ) صَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَ (لَا) تُجْزِئُ سُتْرَةٌ (مَغْصُوبَةٌ) ؛ فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا، كَمَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَى الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبُقْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ، وَسُتْرَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَذَلِكَ، قِيَاسًا عَلَى السُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ. (وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ) رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، سَوَاءٌ صَلَّوْا خَلْفَ الْإِمَامِ، كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَوْ عَنْ جَانِبَيْهِ، أَوْ قُدَّامَهُ حَيْثُ صَحَّتْ.
وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ الْكَلْبُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَسُتْرَتِهِ، وَكَانَ لَا يَرَى بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِهِ، وَالْمَأْمُومُ يَرَاهُ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ صَحِيحَةً، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ سَتْرَ أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، أَوْ مَسْحَ جَمِيعِ رَأْسِهِ نَظَرًا إلَى اعْتِقَادِ الْإِمَامِ، (فَلَا يَضُرُّ صَلَاتَهُمْ) ، أَيْ: الْمَأْمُومِينَ (مُرُورُ شَيْءٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) لِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute