للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي هَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ.

وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُجِيرَهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطِهِ.

وَهُمَا ضِدَّانِ وَمُتَقَابِلَانِ.

وَكَذَلِكَ الْمُعَافَاةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ بِالْعُقُوبَةِ لَجَأَ إلَى مَا لَا ضِدَّ لَهُ، وَهُوَ اللَّهُ أَظْهَرَ الْعَجْزَ وَالِانْقِطَاعَ، وَفَرَغَ مِنْهُ إلَيْهِ.

فَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ؛ إذْ حَاصِلُهُ أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ اللَّهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ هُوَ ثَابِتٌ فِي الْخَبَرِ (لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) ، أَيْ: لَا نُحْصِي نِعَمَكَ، وَالثَّنَاءُ بِهَا عَلَيْكَ.

وَلَا نَبْلُغُهُ، وَلَا نُطِيقُهُ، وَلَا تَنْتَهِي غَايَتُهُ.

وَالْإِحْصَاءُ: الْعَدُّ وَالضَّبْطُ وَالْحِفْظُ. قَالَ تَعَالَى {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: ٢٠] . أَيْ: تُطِيقُوهُ.

(أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) : اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ عَنْ تَفْصِيلِ الثَّنَاءِ.

وَرَدٌّ إلَى الْمُحِيطِ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى لَا نِهَايَةَ لِسُلْطَانِهِ وَعَظَمَتِهِ.

لَا نِهَايَةَ لِلثَّنَاءِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُثْنَى عَلَيْهِ.

رَوَى عَلِيٌّ أَنَّ النَّبِيَّ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ. وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.

قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيَقُولُ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ، مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ.

وَهُوَ مَعْنَى مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ: يَدْعُو بِمَا شَاءَ.

وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى دُعَاءِ: اللَّهُمَّ اهْدِنَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ.

وَاخْتَارَهُ أَحْمَدُ.

وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّهُ كَانَ يُسْتَحَبُّ بِالسُّورَتَيْنِ. وَأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ. (ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، نَصَّ عَلَيْهِ. (وَلَا بَأْسَ) أَنْ يَقُولَ: وَ (عَلَى آلِهِ) ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ فِي قُنُوتِهِ بِمَا شَاءَ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ نَصًّا. (وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ) عَلَى قُنُوتِ إمَامِهِ إنْ سَمِعَهُ، وَإِلَّا فَيَقْنُتُ لِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>