لِحَدِيثِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» فَيَنْوِيَ أَنَّهُمَا مِنْ التَّرَاوِيحِ، أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ، (وَيُسْتَرَاحُ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ) رَكَعَاتٍ بِجِلْسَةٍ يَسِيرَةٍ، (وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ اسْتِرَاحَةٍ) بَيْنَهَا، (وَلَا يُسَنُّ دُعَاءٌ إذَا اسْتَرَاحَ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ، لِعُمُومِ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: ٧] (وَفِعْلُهَا بِمَسْجِدٍ) أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا مَرَّةً ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةٍ، كَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ، وَمَرَّةً ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَفَرِّقَةٍ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ، وَقَالَ: مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَفْعَلُونَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْزَاعًا فِي جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي عَهْدِهِ، وَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى أُبَيٍّ، وَتَابَعَهُ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. (وَ) فِعْلُهَا (أَوَّلَ لَيْلٍ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ أَوَّلَهُ (وَيُوتِرُ بَعْدَهَا) ، أَيْ: التَّرَاوِيحِ (فِي الْجَمَاعَةِ نَدْبًا) ، لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَتَقَدَّمَ.
(وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ غَيْرَ إمَامٍ) كَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ (أَنْ يُوتِرَ بَعْدَهُ) ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَإِنْ أَحَبَّ) مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ (مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ) فِي وِتْرِهِ؛ (قَامَ إذَا سَلَّمَ) الْإِمَامُ (فَشَفَعَهَا) أَيْ: الرَّكْعَةَ الْوِتْرَ (بِأُخْرَى) ثُمَّ إذَا تَهَجَّدَ أَوْتَرَ، فَيَنَالُ فَضِيلَةَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، وَفَضِيلَةَ جَعْلِ وِتْرِهِ آخِرَ صَلَاةٍ. (وَإِنْ أَوْتَرَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ (ثُمَّ أَرَادَ التَّهَجُّدَ لَمْ يُنْقِضْ) ، أَيْ: لَمْ يَشْفَعْ (وِتْرُهُ بِرَكْعَةٍ وَصَلَّى) تَهَجُّدَهُ، (وَلَمْ يُوتِرْ) ، لِحَدِيثِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ» وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute