للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْفُوعًا «خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاَللَّهِ لَا يَسْأَمُ اللَّهُ حَتَّى تَسْأَمُوا» مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَلَا: تَفْعَلْ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَلَا يَقُومُهُ) أَيْ: اللَّيْلَ (كُلَّهُ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: مَا عَلِمْتُ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ» وَظَاهِرُهُ حَتَّى لَيَالِيَ الْعَشْرِ، وَاسْتَحَبَّهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: قِيَامُ بَعْضِ اللَّيَالِيِ كُلِّهَا؛ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، (إلَّا لَيْلَةَ عِيدِ) فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، وَفِي مَعْنَاهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، لِلْخَبَرِ.

(وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ) مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِهَا (فَفَعَلَهَا) أَيْ: تِلْكَ الْعِبَادَةَ؛ (فَهُوَ) أَيْ: فِعْلُهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ، (أَفْضَلُ) مِنْ فِعْلِهَا (مِمَّنْ لَا تَشُقُّ عَلَيْهِ، لِاعْتِيَادِهَا) إذْ مَنْ اعْتَادَ شَيْئًا يَسْهُلُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، وَإِنْ كَانَ عَسِرًا عَلَى غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ لِلْمُكْرِهِ نَفْسِهِ عَمَلَيْنِ: جِهَادٌ وَطَاعَةٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، وَهُوَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْهِ؛ فَلَهُ أَجْرَانِ» وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ. (وَاخْتَارَ جَمْعٌ) مِنْ أَصْحَابِنَا (عَكْسَهُ) مِنْهُمْ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُنَيْدِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُبَّادِ الْبَصْرَةِ، فَالْبَاذِلُ لِذَلِكَ طَاعَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ فِي طُمَأْنِينَةِ النَّفْسِ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَرْبَابِ الْمَنَازِلِ وَالْمَقَامَاتِ، وَالْآخَرُ مِنْ أَرْبَابِ السُّلُوكِ وَالْبِدَايَاتِ. (وَسُنَّ تَنَفُّلٌ بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ) ، وَهُوَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>