(وَلَا يَنْعَقِدُ) التَّطَوُّعُ (إنْ ابْتَدَأَهُ) مُصَلٍّ (فِيهَا) ، أَيْ: أَوْقَاتِ النَّهْيِ، (وَلَوْ) كَانَ (جَاهِلًا) بِالتَّحْرِيمِ أَوْ بِكَوْنِهِ وَقْتَ نَهْيٍ، لِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. (أَوْ) كَانَ مَا تَطَوَّعَ بِهِ (لَهُ سَبَبٌ، كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ) وَشُكْرٍ، (وَصَلَاةِ كُسُوفٍ) وَاسْتِسْقَاءٍ، (وَقَضَاءِ) سُنَّةٍ (رَاتِبَةٍ) كَسُنَّةِ صُبْحٍ إذَا صَلَّاهَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ، (وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ) ، وَسُنَّةِ وُضُوءٍ وَاسْتِخَارَةٍ، لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَإِنَّمَا تَرَجَّحَ عُمُومُهَا عَلَى أَحَادِيثِ التَّحِيَّةِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهَا حَاضِرَةٌ، وَتِلْكَ مُبِيحَةٌ، وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَ (لَا) يَحْرُمُ إيقَاعُ نَافِلَةٍ (تَبَعًا) كَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ بَعْدَهُ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِيهَا بِقَوْلِهِ: (إلَّا) تَحِيَّةَ مَسْجِدٍ مِمَّنْ دَخَلَهُ (حَالَ خُطْبَةِ جُمُعَةٍ) ؛ فَيَفْعَلُهَا وَلَوْ حَالَ قِيَامِ الشَّمْسِ قَبْلَ زَوَالِهَا، لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ، إلَّا يَوْمَ جُمُعَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَ) إلَّا (سُنَّةَ فَجْرٍ حَاضِرَةٍ قَبْلَهَا) ، أَيْ: صَلَاةِ الْفَجْرِ؛ فَلَا تُفْعَلُ بَعْدَهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ. (وَ) إلَّا (سُنَّةَ ظُهْرٍ مَجْمُوعَةٍ) مَعَ عَصْرٍ. (وَلَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ بَعْدَهَا) ، أَيْ: بَعْدَ الْعَصْرِ، لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، «قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ صَلَّيْتَ صَلَاةً لَمْ أَكُنْ أَرَاك تُصَلِّيهَا، فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَإِنَّهُ قَدِمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ فَشَغَلُونِي عَنْهُمَا؛ فَهُمَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ جَمْعٌ، فَلِذَلِكَ صَحَّحَ الشَّارِحُ أَنَّ الرَّاتِبَةَ تُقْضَى بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute