(وَتُسَنُّ) الْقِرَاءَةُ (بِمُصْحَفٍ) لِإِشْغَالِ حَاسَّةِ الْبَصَرِ بِالْعِبَادَةِ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَكَادُ يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعًا. (وَ) يُسَنُّ (اسْتِمَاعٌ لَهَا) ، أَيْ: الْقِرَاءَةِ، لِيُشَارِكَ الْقَارِئَ فِي أَجْرِهِ. (وَكُرِهَ حَدِيثٌ عِنْدَهَا) ، أَيْ: الْقِرَاءَةِ (بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] وَلِأَنَّهُ إعْرَاضٌ عَنْ الِاسْتِمَاعِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ.
(وَسُنَّ حِفْظُ الْقُرْآنِ إجْمَاعًا، وَحِفْظُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إجْمَاعًا) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا بَنِي آدَمَ، وَالْمَلَائِكَةُ لَمْ يُعْطَوْا هَذِهِ الْفَضِيلَةَ، وَهِيَ حَرِيصَةٌ عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْإِنْسِ.
انْتَهَى.
قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ هُوَ النَّازِلُ بِالْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ الْمَلَائِكَةِ: {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} [الصافات: ٣] ، أَيْ: تَتْلُو الْقُرْآنَ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ: قُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ الْمَلَائِكَةُ غَيْرَ جِبْرِيلَ، أَوْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نُزُولِهِ بَقَاءُ حِفْظِهِ لَهُ جُمْلَةً؛ لَكِنْ يُبْعِدُهُ حَدِيثُ مُدَارَسَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهُ الْقُرْآنَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَانَ يُلْهِمُهُ إلْهَامًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى تَبْلِيغِهِ، وَأَمَّا تِلَاوَةُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا حِفْظُهُ.
(وَيَتَّجِهُ) بِ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ: أَنَّهُ يَحْصُلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِحِفْظِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ (مِنْ شَخْصٍ) وَاحِدٍ (لَا أَنْ كُلًّا) مِنْ جَمَاعَةٍ (يَحْفَظُ بَعْضًا) مِنْ الْقُرْآنِ، بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ مَا مَعَهُمْ لَاجْتَمَعَ جَمِيعُهُ؛ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute