تَعَوَّدَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ لَزِمَهَا (إلَّا أَنْ يَعْسَرَ) عَلَيْهِ حِفْظُهُ كُلِّهِ؛ فَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ. (وَيُقَدَّمُ مُكَلَّفُ الْعِلْمِ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا يَجِبُ فِي صَلَاةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، (كَمَا يُقَدَّمُ كَبِيرُ نَفْلِ عِلْمٍ عَلَى نَفْلِ قِرَاءَةٍ) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ.
(وَسُنَّ خَتْمُهُ) فِي (كُلِّ أُسْبُوعٍ) ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: كَانَ أَبِي يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي النَّهَارِ كُلَّ أُسْبُوعٍ، يَقْرَأُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعًا، لَا يَكَادُ يَتْرُكُهُ نَظَرًا، أَيْ: فِي الْمُصْحَفِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، وَلَا تَزِيدَنَّ عَلَى ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَإِنْ قَرَأَهُ فِي ثَلَاثٍ؛ فَحَسَنٌ) ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ لِي قُوَّةً، قَالَ: اقْرَأْهُ فِي ثَلَاثٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَلَا بَأْسَ بِهِ) ، أَيْ: بِالْخَتْمِ (فِيمَا دُونَهَا) ، أَيْ: الثَّلَاثِ (أَحْيَانَا) .
(وَسُنَّ إكْثَارُ قِرَاءَةٍ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ فَاضِلٍ، كَرَمَضَانَ وَمَكَّةَ، اغْتِنَامًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) .
قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّرٌ بِالنَّشَاطِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ؛ فَمَنْ وَجَدَ نَشَاطًا فِي خَتْمِهِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ؛ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا؛ كُرِهَ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَخْتِمُهُ فِي لَيْلَةٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ. (وَكُرِهَ تَأْخِيرُ خَتْمِ) الْقُرْآنِ (فَوْقَ أَرْبَعِينَ) يَوْمًا (بِلَا عُذْرٍ) ، قَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ مَا سَمِعْتُ؛ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِي أَرْبَعِينَ.
وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى نِسْيَانِهِ وَالتَّهَاوُنِ بِهِ. (وَحَرُمَ) تَأْخِيرُ الْخَتْمِ فَوْقَ أَرْبَعِينَ (إنْ خَافَ نِسْيَانَهُ قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: مَا أَشَدُّ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَفِظَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ) ، صَاحِبُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ (فِي مَعْنَى حَدِيثِ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ: الْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ: أَنْ لَا يُمْكِنَهُ الْقِرَاءَةُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute