(ثُمَّ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ (الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُضُوعُ وَرَجَاءُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَالْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ أَقْرَبُ إلَى ذَلِكَ، لَا سِيَّمَا وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَابِ الشَّفَاعَةِ الْمُسْتَدْعِيَةِ كَرَامَةَ الشَّافِعِ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ، قَالَ الْقُشَيْرِيِّ فِي رِسَالَتِهِ ": الْوَرَعُ: اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ، زَادَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي " الْمَشَارِقِ ": خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، (وَهُمَا) أَيْ: الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ (سَوَاءٌ ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ يُقَدَّمُ (مَنْ يَخْتَارُهُ جِيرَانٌ مُصَلُّونَ، أَوْ كَانَ أَعْمَرَ لِمَسْجِدٍ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ " وَالشَّارِحُ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا فِي " الْمُقْنِعِ " " وَالْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِمَا: يُقْرَعُ (ثُمَّ يُقْرَعُ) مَعَ التَّشَاحِّ،؛ لِأَنَّ سَعْدًا أَقْرَعَ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فِي الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
(وَتُكْرَهُ إمَامَةُ غَيْرِ الْأَوْلَى بِلَا إذْنِهِ) لِلِافْتِئَاتِ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ» ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَتِهِ.
وَ (لَا) يُكْرَهُ (أَذَانُ) غَيْرِ الْأَوْلَى مَعَ حُضُورِهِ بِلَا إذْنِهِ (نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي التَّقَدُّمِ لَهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ.
(وَصَاحِبُ بَيْتٍ وَإِمَامُ مَسْجِدٍ وَلَوْ عَبْدًا، أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ، (فَتَحْرُمُ) إمَامَةُ غَيْرِهِمَا (بِلَا إذْنِهِمَا بِشَرْطِهِ) ، وَهُوَ كَوْنُهُمَا أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُمَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِمَا رُوِيَ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى أَرْضًا لَهُ عِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لَهُ، فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، فَأَبَى، وَقَالَ: صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ " وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِهِ افْتِئَاتًا، وَكَسْرًا لِقَلْبِهِ، (لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ) ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، ثُمَّ نُوَّابُهُ، كَالْقَاضِي (فِيهِمَا) ، أَيْ: فِي صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute