(وَ) يَتَّجِهُ أَيْضًا: (أَنَّهُ مَنْ بَعُدَ عَنْ الصَّفِّ) مَعَ مُحَاذَاتِهِ لَهُ، وَكَانَ بُعْدُهُ عَنْهُ (قَدْرَ ذَلِكَ) ، أَيْ: مَقَامَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ (فَفَذٌّ) ، أَيْ: فَرْدٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
وَهَذَا لَيْسَ بِوَجِيهٍ، إذْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَطْعِ الصَّفِّ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ.
(وَيُبَاحُ اتِّخَاذُ مِحْرَابٍ) نَصًّا، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ. (وَتُكْرَهُ صَلَاةُ إمَامٍ فِيهِ) ، أَيْ: الْمِحْرَابِ (بِلَا حَاجَةٍ) كَضِيقِ مَسْجِدٍ، وَكَثْرَةِ جَمْعٍ؛ فَلَا يُكْرَهُ، لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ (إنْ مَنَعَ مَأْمُومًا مُشَاهَدَتَهُ) ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ، (بَلْ يَقِفُ) الْإِمَامُ (عَنْ يَمِينِ مِحْرَابٍ) إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا نَصًّا، لِتَمَيُّزِ جَانِبِ الْيَمِينِ.
(وَكُرِهَ لَهُ) ، أَيْ: لِإِمَامٍ، وَ (لَا) يُكْرَهُ (لِمَأْمُومٍ تَطَوُّعُهُ بِلَا حَاجَةٍ بَعْدَ مَكْتُوبَةٍ مَوْضِعَهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: كَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا قَالَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ الْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ، وَلِأَنَّ فِي تَحَوُّلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute