ذَلِكَ، (كَمَنْ بِقُرَى صَغِيرَةٍ) لَا يَبْلُغُ عَدَدُ كُلِّ قَرْيَةٍ أَرْبَعِينَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تُقَامُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ. (وَ) كَمَنْ بِ (خِيَامٍ) جَمْعُ: خَيْمَةٍ، وَهُوَ: بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَا تَكُونُ الْخَيْمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ ثِيَابٍ، بَلْ مِنْ أَرْبَعَةِ عِيدَانِ، وَتُسَقَّفُ بِالثُّمَامِ، وَخَيَّمْت بِالْمَكَانِ، بِالتَّشْدِيدِ: أَقَمْتَ فِيهِ. (وَمُسَافِرٍ لَا يَقْصُرُ) بِأَنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ الْمَسَافَةِ، أَوْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ، (فَتَلْزَمُهُمْ) ، أَيْ: الْمَذْكُورِينَ مِنْ سُكَّانِ قُرَى صَغِيرَةٍ أَوْ خِيَامٍ وَنَحْوِهَا، كَمَنْ بِبُيُوتِ الشَّعْرِ وَمُسَافِرِينَ، لَا يَقْصُرُونَ (بِغَيْرِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ كَأَهْلِ الْمِصْرِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «: الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَفْظُهُ «إنَّمَا الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْجُمُعَةَ» ، وَالْعِبْرَةُ بِسَمَاعِهِ مِنْ الْمَنَارَةِ، لَا بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ نَصًّا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ اعْتِبَارُ سَمَاعِ النِّدَاءِ غَيْرَ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمْ الْأَصَمُّ وَثَقِيلُ السَّمْعِ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ، فَيَخْتَصُّ بِسَمَاعِهِ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، اُعْتُبِرَ بِمَظِنَّتِهِ.
وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْمَعُ فِيهِ النِّدَاءُ غَالِبًا إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ صِيتًا وَالرِّيَاحُ سَاكِنَةٌ، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةٌ، وَالْعَوَارِضُ مُنْتَفِيَةٌ، وَهُوَ فَرْسَخٌ.
فَلَوْ سَمِعَهُ أَهْلُ قَرْيَةٍ مِنْ فَوْقِ فَرْسَخٍ لِعُلُوِّ مَكَانِهَا، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَبَلٍ، أَوْ كَانَ فِي انْخِفَاضٍ لَمْ تَجِبْ فِي الْأُولَى، وَوَجَبَتْ فِيمَا عَدَاهَا اعْتِبَارًا بِالْمَظِنَّةِ.
(وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ أُبِيحَ لَهُ الْقَصْرُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْجُمُعَةَ فِيهِ، مَعَ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ.
وَكَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، لَا تَلْزَمُهُ بِغَيْرِهِ - نَصَّ عَلَيْهِ - فَلَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute