أَقُولَ: قَدْ انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ: زَالَ النَّهَارُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَهُ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَسَعِيدٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا. (لِآخِرِ وَقْتِ ظُهْرٍ) إلْحَاقًا بِهَا لِوُقُوعِهَا مَوْضِعِهَا. (وَتَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (بِزَوَالٍ) لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ وَقْتُ جَوَازٍ، (وَ) فِعْلُهَا (بَعْدَهُ) ، أَيْ: الزَّوَالِ (أَفْضَلُ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ؛ وَلِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهَا فِيهِ فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ، وَالْأَوْلَى فِعْلُهَا عَقِبَ الزَّوَالِ صَيْفًا وَشِتَاءً (وَلَا تَسْقُطُ) الْجُمُعَةُ (بِشَكٍّ فِي خُرُوجِهِ) ، أَيْ: الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَالْوُجُوبُ مُحَقَّقٌ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَعَلُوهَا، (فَإِنْ تَحَقَّقَ) خُرُوجُهُ (قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ صَلَّوْا ظُهْرًا) ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى، (وَإِلَّا) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ خُرُوجُهُ قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ، (فَ) يُصَلُّونَ (جُمُعَةً) نَصًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَهِيَ تُدْرَكُ بِالتَّحْرِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَإِنْ عَلِمُوا إحْرَامَهُمْ بَعْدَ الْوَقْتِ، قَضَوْا ظُهْرًا لِبُطْلَانِ جُمُعَتِهِمْ.
(الثَّانِي: اسْتِيطَانُ أَرْبَعِينَ) رَجُلًا (وَلَوْ بِالْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا) ، أَيْ: الْجُمُعَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَكُنَّا أَرْبَعِينَ " صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَلَمْ يُنْقَلْ عَمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنَّهَا صُلِّيَتْ بِدُونِ ذَلِكَ، وَالْخَضِمَاتُ: بِخَاءٍ وَضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ: بَطْنٌ مِنْ الْأَرْضِ يَمْكُثُ فِيهِ الْمَاءُ مُدَّةً، فَإِذَا نَضَبَ يَصِيرُ الْكَلَأَ. (بَقَرِيَّةٍ) مَبْنِيَّةٍ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute