الْقِيَامَةِ وَالْجُمُعَةُ تُشْبِهُهَا، لِمَا فِيهَا مِنْ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ، وَقِيَامِ الْخَطِيبِ؛ وَلِأَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا قُرِئَتْ فِي نَهَارِهَا تَذَكَّرَ بِهَا، وَإِذَا قُرِئَتْ فِي لَيْلَتِهَا تَذَكَّرَ بِهَا لَيْلَةً لَيْسَ بَعْدَهَا إلَّا يَوْمُ الْقِيَامَةِ. (وَ) سُنَّ (كَثْرَةُ دُعَاءٍ رَجَاءَ إصَابَةِ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ) ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَأَفْضَلُهُ) ، أَيْ: الدُّعَاءِ (بَعْدَ الْعَصْرِ) " وَأَرْجَاهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَفِي أَوَّلِهِ أَنَّ النَّهَارَ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً. وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ
، لَكِنْ لَمْ يَحْكِ فِي " الْإِنْصَافِ " وَ " الْمُبْدِعِ " هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْإِمَامِ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، بَلْ ذَكَرَا قَوْلَ الْإِمَامِ: أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَتُرْجَى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
وَقَدْ ذَكَرَ دَلِيلَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ، وَهِيَ: اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ قَوْلًا فِي " فَتْحِ الْبَارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ " وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ: إنَّهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ. (وَأَرْجَاهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ) ، لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ " أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الصَّحَابَةِ اجْتَمَعُوا، فَتَذَاكَرُوا سَاعَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ افْتَرَقُوا، فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ " وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. (فَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُنْتَظِرًا صَلَاةَ مَغْرِبٍ) ، فَإِنَّ مَنْ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ.
وَفِي الدَّعَوَاتِ لِلْمُسْتَغْفِرَيَّ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute